بدعة الكتابة على القبور وبناء المساجد عليها وبدع أخرى

كذلك مما يفعل في القبور الكتابة، وقد نبه عليها من الشيخين أيضًا، الكتابة على القبور الرسول نهى عن الكتابة  على القبور، لا يكتب عليها، نهى عن تجصيصها، وعن البناء عليها، وعن الكتابة، وفي بعض البلدان وبعض الدول يبنون على القبور ويتخذون عليها المساجد والقباب ويجصصونها ويزخرفونها ويفرشونها بالفرش الفاخرة ويطيبونها ويلونونها هذا كله بدعة، ومن أسباب الشرك، فيجب الحذر من ذلك، وألا يقع  هنا شيء من ذلك، كما يجب على إخواننا الموجودين هنا من أي دولة إذا عرفوا حكم الله أن ينذروا قومهم هناك إذا رجعوا إليهم، ويحذروهم من هذه البدع التي نهى الله عنها، قال النبي ﷺ: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد قالت عائشة: يحذر ما صنعوا.

ولما أخبر عن كنيسة للنصارى وما فيها من الصور قال : أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله، فجعلهم شرار الخلق عند الله عز وجل بأسباب بنائهم على القبور واتخاذهم الصور على القبور صور الموتى فهذا من الجهل والضلال ومن أعمال شرار الخلق نعوذ بالله، وقال عليه الصلاة والسلام: ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك.

فأخبر أنه ينهى عن اتخاذها مساجد ويحذر من التأسي بأولئك الماضين الجاهلين الذين فعلوا ما حرم الله جل وعلا، فلا نتخذها مساجد، ولا نبني عليها قباب ولا حجر، بل نجعلها بارزة، قبور بارزة كما كانت قبور الصحابة في عهد النبي ﷺ في البقيع بارزة، وهكذا السنة تكون بارزة، ترفع عن الأرض قد شبر، ويوضع لها نصائب؛ حتى تعلم أنها قبور، حتى لا توطأ، حتى لا تمتهن، حتى لا يبال عليها، حتى لا يتغوط عليها، فإنها يجب احترامها، قال النبي ﷺ: كسر عظم الميت ككسره حيًا، فالواجب احترامها، وعدم امتهانها لا بالمشي عليها لا بوضع القمامات عليها ولا بالبول عليها ولا بالتغوط عليها، قال عليه الصلاة والسلام: لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه حتى تصل إلى جسده خير له من أن يجلس على قبر، وقال: لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها، وقال جابر إن النبي ﷺ نهى عن تجصيص القبور، وعن القعود عليها، والبناء عليها، والكتابة عليها، وأن يزاد عليها من غير ترابها، كل هذه الأمور ينبغي التنبه لها، فلا يكتب على القبر لا اسم فلان ولا قبيلته ولا غير ذلك، ولا يوضع عليه أشياء فيها زخرفة من البلاط الثمين أو ما أشبه ذلك، إذا جعل علامة حجرًا خاصًا أو عظمًا خاصًا أو حديدة خاصة لا قيمة لها ليعلم أنه قبر أبيه أو أخيه لا بأس، فقد ورد أن النبي علم قبر عثمان بن مظعون بعلامة، فلا بأس بهذا.

ثم ليس المقصود أن تعرف قبره، المقصود أن تسلم على القبور إذا جئت المقبرة تسلم عليهم وتدعو لهم بالمغفرة، سواء عرفت قبر أخيك أو قبر أبيك أو ما عرفته أو نسيته، المهم أن تزور القبور للذكرى والعظة، قال النبي ﷺ: زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة، فيقف عند القبور ويسلم عليهم ويدعو لهم ويترحم عليهم، أولًا فيه إحسان إلى نفسه بأن يذكر الموت ويذكر البلى ويذكر ما أصاب هؤلاء وأنهم سوف يخرجون من هذه القبور إلى ربهم عز وجل وسوف يجازون بأعمالهم، فالزيارة ذكرى، ثم في إحسانه للموتى بالدعاء لهم والترحم عليهم، وكان النبي ﷺ يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وقال: اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد، يدعو لهم ويستغفر لهم ويسأل الله لهم العافية، هذه السنة في زيارة القبور، الدعاء لهم والترحم عليهم، ثم تنصرف ما فيه جلوس على قبورهم ولا الجلوس عندها للقراءة، فالقراءة عند القبور بدعة لا أصل لها، وما جاء من القراءة عند القبور وأنه إذا قرأ عليها كذا وكذا صار له كذا وكذا، كلها أحاديث غير صحيحة، كلها موضوعة لا صحة لها، وإنما يسلم على القبور ويدعو لهم وينصرف، إنما القراءة والصلاة في البيوت والمساجد لا في القبور، القبور لا يقرأ فيها ولا يصلى فيها ولا يقام عليها مساجد إلا الصلاة على الميت فقط، يصلي على قبره لا بأس صلاة الجنازة تصلي على القبر، فقد صلى النبي على القبر عليه الصلاة والسلام وأكثر ما ورد عنه ﷺ أنه صلى على القبر وقد مضى له شهر، فإذا كان الميت قد مضى له شهر أو ما يقاربه وصلى على قبره فهذا لا بأس، وقد فعله النبي عليه الصلاة والسلام.

والمقصود من الصلاة الدعاء له والترحم عليه والإحسان إليه بذلك، كذلك بعض الناس بلغنا أنه قد يؤذن في القبر ويقيم في القبر يجلس في القبر ويؤذن ويقيم وهذه بدعة لا أصل لها، لا أذان ولا إقامة في القبر ولا قراءة، لا يقرأ في القبر ولا يؤذن ولا يقيم ولا يكتب فيه كتابة ولا يجصصه ولا يبني عليه كل هذا مما نهى عنه الشرع، فالواجب التنبه لذلك والحذر مما وقع فيه الناس الآخرون؛ لأن الناس في بلدان كثيرة وقعوا في بدع كثيرة، وقعوا في بناء المساجد على القبور، ووقعوا في تجصيصها وفي البناء عليها في اتخاذ القباب عليها، فيجب الحذر من ذلك لئلا يصيبنا ما أصاب أولئك.

ويجب على أهل العلم أينما كانوا أن ينبهوا على هذا في إفريقيا في كل مكان في مصر في الشام في العراق في كل مكان كل بلد يمرها طالب العلم والداعي إلى الله ويرى فيها ما يخالف الشرع حول القبور أو غير ذلك ينبه ويبين.

كذلك بعد الدفن ما فيه تلقين بعد الدفن، ولكن يدعو له بالمغفرة والثبات، كان النبي ﷺ إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل فيقول: اللهم اغفر لفلان، اللهم ثبته بالقول الثابت، اللهم ثبته على الحق، بعد الدفن يقف عليه ويدعو له، اللهم اغفر له، اللهم ثبته بالقول الثابت، اللهم ثبته على الحق، هذا هو المشروع الذي أمر به النبي عليه الصلاة والسلام، أما أن يلقنه يقول له اذكر ما خرجت به من الدنيا من أنك تشهد ألا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله إلى آخره هذا ما له أصل، هذا ما صح به عن النبي ﷺ شيء فيكون من باب البدع لا من باب السنن.

س: ولو قصد بذلك عظة الأحياء الموجودين؟

ج: ما له أصل لأن الذي ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم لا ينبغي أن يفعل، ولكنه يلقنه عند الموت لا إله إلا الله قبل أن يموت هذا هو المشروع لقنوا موتاكم لا إله إلا الله يقولها عنده يقول: لا إله إلا الله، يذكره بذلك لعله يقولها حتى يموت عليها، فإن لم ينتبه يقال له: يا عبد الله أو يا أبا فلان قل: لا إله إلا الله بكلام طيب، قل: لا إله إلا الله، فإذا قالها سكت عنه رجاء أن يموت عليها.

رزق الله الجميع التوفيق والهداية.