ومن البدع ما يعتقده الجاهلية من الناس في صفر، هذا الشهر بعض الجاهلية يتشاءمون من صفر، ويقولون: إنه لا يسافر في صفر، وهذا جهل منهم وضلال وخطأ، فصفر مثل بقية الشهور، وبعضهم يقول: إن في صفر دابة تسمى صفر في البطن تؤذيه وتؤذي الأمعاء يتشاءمون بها في الجاهلية، النبي قال: لا صفر لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر، أنكر قولهم وتشاؤمهم بصفر، قال: لا عدوى، ولا طيرة، العدوى الاعتقاد في العدوى والطيرة والهامة وصفر والتعلق بالأنواء أو بالغول كل هذا من أمر الجاهلية، ومن القوادح في الدين التي دون الكفر بالله في الجملة، ومن زعم أن هناك عدوى فهو باطل، ولكن الله جعل المخالطة للمرضى قد تكون سببًا لوجود المرض في الصحيح، ولكن ما تعدي بطبعها النبي عليه السلام لما قال: «لا عدوى» قال بعض العرب: يا رسول الله الإبل تكون في الرمال كأنها الظباء فإذا دخل الأجرب أجربها، فقال: من أعدى الأول؟، أي من الذي أعدى بالجرب الأول؟ الأمر بيد الله إذا شاء أجربها بسبب هذا الجرب، وإذا شاء لم يجربها، ولكنه قال: لا يورد ممرض على مصح، يعني لا تورد الإبل المريضة مع الإبل الصحيحة، هذه على حدة وهذه على حدة، من باب اتقاء الشر، والبعد عن أسباب الشر، وإلا فالأمر بيد الله، الأمور كلها بيد الله، لا يعدي شيء بطبعه بل إنما هو بيد الله قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا [التوبة:51].
فالخلطة من أسباب وجود المرض فلا ينبغي الخلطة، الأجرب لا يخالط الصحيح، هكذا أمر الرسول ﷺ من باب الاتقاء، من باب الحذر من أسباب الشر، ولكن ما هو معناه أنه لازم إذا خالطه يعديه لا، قد يعدي وقد لا يعدي، والأمر بيد الله ، ولهذا قال: فمن أعدى الأول؟.
والمقصود أن تشاؤم أهل الجاهلية بالعدوى أو بالتطير أو بالهامة، والهامة يقولون هي روح الميت كأنها طائر تكون حول قبره يتشاءمون بها وهذا باطل ما له أصل، روح الميت مرتهنة إما في الجنة وإما في النار، إن كان طيبًا فهو في الجنة روحه، وإن كان خبيثا فهو في النار، نسأل الله العافية.