أمراض القلوب ودواؤها

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فقد سمعنا جميعًا هذه الندوة المباركة التي تولاها أصحاب الفضيلة: الشيخ عبدالرحمن الفريان، والشيخ سمير ....... والشيخ عبدالرحمن بن حماد العمر، فيما يتعلق بأمراض القلوب وأدويتها، وقد أجاد المشايخ وأفادوا، جزاهم الله خيرًا، وضاعف مثوبتهم، ورزقنا وإياكم وإياهم المزيد من العلم النافع والعمل الصالح والتوفيق لما يحب ويرضى، ولا شك أن أمراض القلوب كثيرة وأن أغلب الثقلين قد ابتلوا بهذه الأمراض ولم ينج منها إلا القليل، كما قال جل وعلا: وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ [سبأ:13]، وقال سبحانه: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف:103]، وقال : وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [الأنعام:116]، وإنما المهم أن نحذر أسباب الأمراض التي سمعتم وغيرها، وأن نجتهد في العلاج الذي سمعتم، فالمؤمن عندما يسمع القول عندما يسمع النصح والوعظ والتذكير يأخذ بأحسنه، ويستفيد مما سمع، ولا يكون حظه مجرد السماع، كما قال جل وعلا: فَبَشِّرْ عِبَادِ ۝ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ [الزمر:17-18]، فالذي يتبع أحسن القول ويأخذ بما فيه من الفائدة والخير هذا هو الموفق، وأما الذي يسمع ويعرض ولا يستفيد، فهذا المحروم ولا حول ولا قوة إلا بالله؛ لأن الفائدة من سماع المواعظ ومن تلاوة القرآن ومن سماع القرآن ومن سماع الأحاديث ومن حضور مجالس العلم الفائدة من ذلك الاتعاظ والتذكر، والعمل بما يسمع الإنسان، وبما يقرأ، وبما يشاهد، ويسمع، فالتلاوة والاستماع وحضور مجالس العلم وسائل يراد منها أن تتعظ وتتذكر، وأن تستفيد مما سمعت ومما قرأت ومما شاهدت، والله جل وعلا في كتابه العظيم نوع المواعظ والذكرى، وأكثر أفرادها، وهكذا في أحاديث نبيه عليه الصلاة والسلام نوع أصناف الأدوية وأنواع الذكرى والعظة لعل العبد يتعظ لعله يتذكر لعله يستفيد، فأقام الحجة سبحانه وتعالى، وقطع المعذرة، وأعطى الأسماع والأبصار وأعطى العقول كي يستفيد العاقل من سمعه وبصره وعقله، فالسمع يؤدي إليه ما يسمع، والبصر يؤدي إلى قلبك ما رأى، وأنت بعقلك تميز بين الخير والشر، تميز بين الضار والنافع، وبما أعطاك الله من علم وهدى من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، حتى تأخذ بالطيب والنافع، وحتى تدع ما يضرك، وما يفضي إلى مضرتك.