ضرورة الاهتمام بالأسر والعناية بها

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فقد سمعنا جميعًا هذه الندوة المباركة التي تولى الكلام فيها أصحاب الفضيلة: الدكتور محمد لطف الصباغ، والشيخ عبدالرحمن بن عبدالله الدرويش، والدكتور عبدالله بن سعد الرشيد، وهي تتعلق بالأسر والعناية بها من جهة الأخلاق والتنمية لها وحفظها مما يضرها ويفسدها، وقد أجاد المشايخ وأفادوا وبينوا ما ينبغي بيانه، وجاءت بحمد الله هذه الندوة ندوة مباركة وافية بالمقصود، فقد أحسن أصحاب الفضيلة في بيان الحقائق والدعوة إلى الخير، والتحذير من أسباب فساد الأسر وتفرقها وضياعها، كما أجادوا وأحسنوا في بيان الوسائل التي يرجى من ورائها من صلاح الأسر ونموها واستقامة حالها وتسهيل وسائل الزواج، وبيان الموانع التي ينبغي تركها والحذر منها والتواصي بتركها، ولاسيما من الأعيان والوجهاء والمقتدى بهم، فجزاهم الله خيرًا، وضاعف مثوبتهم، وزادنا وإياكم وإياهم علمًا وهدى وتوفيقًا، فقد أحسنوا فيما بينوا، وقد دعوا إلى الخير وبلغوا ما ينبغي أن يبلغ، وأنا معهم في هذا أؤيد ما قالوا، وأشكرهم على هذه النصائح، وهذه الندوة الطيبة المباركة، وأسأل الله أن ينفعنا بها جميعًا، وأن ينفع المستمعين لها ومن يبلغ بهذه الندوة، وأوصي إخواني المستمعين أن يبلغوا ما سمعوا من الخير، فإن المصطفى عليه الصلاة والسلام كان كثيرًا ما يقول إذا خطب: فليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع، فينبغي لك يا أخي أن تفرح بنقل الفائدة إلى من يرجى أن ينتفع بها في هذه وأمثالها فائدة الندوة اليوم وغير ذلك، ينبغي لك إذا سمعت الخير أن تنقله، وأن تنشره بين الناس في مجتمعك، وفيما تستطيع من الجماعات الأخرى التي قد تصادفها وتحضر فها، ولاسيما عند ذكر شيء مما يتعلق بها، فإن الكلام يجر بعضه إلى بعض، والكلمات تذكر بعضها ببعض، والمصطفى يقول: بلغوا عني ولو آية، ويقول: نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها، فأنت مسلم وتحب الخير لإخوانك فبلغ، ثم ليكن البلاغ قولًا وعملًا، فالقول وحده لا يكفي، فبلغ بالقول والعمل في محيطك حتى تبلغك إخوانك ومن حولك بالقول والعمل، فإن الدعوة إلى الله تكون بالقول وتكون بالعمل، وقد يكون العمل أشد أثرًا في بعض الناس، وأشد إبلاغًا وأنفع، فكم من قائل لا يسمع قوله، وكم من قائل لا يعقل بما يقوله، ولكن إذا جاء القول والعمل صار الانتفاع أكثر، وكان النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه رضي الله عنهم وأتباعهم بإحسان يبلغون الخير قولًا وعملًا، أقوالهم طيبة وأعمالهم صالحة يقتدى بهم فيها، قال الله تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4]، كان خلقه القرآن عليه الصلاة والسلام، يعمل بأوامره وينتهي عن نواهيه، ويدعو الناس إلى ما دل عليه من العلم والعمل، ويرشدهم إلى أسباب النجاة، ويحثهم على أسباب الخير، والله يقول فيه سبحانه: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21]، فهكذا أتباعه والدعاة إلى دينه يجب أن يكونوا هكذا على خلق عظيم دعاة إلى الحق بأقوالهم وسيرتهم وأعمالهم أينما كانوا.