بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخليله وأمينه على وحيه نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبدالله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد سمعنا جميعًا هذه المحاضرة القيمة المباركة لصاحب الفضيلة الشيخ: محمد بن حسن الدريعي، في موضوع هام، وموضوع واقع، وهو موضوع الاحتفال بمولد النبي عليه الصلاة والسلام، وقد أجاد فضيلته، وأحسن وأبان ما ينبغي بيانه، وأوضح حال هذه البدعة، وأساسها، وشبهات من قام بها ودعا إليها، وأضح وجوه الرد على من أحدث هذه البدعة، وأن الواجب القضاء عليها، ومناظرة من يدعو إليها حتى يقنع بالحق، وحتى لا يترتب على ذلك انقسام وفتن في وضع المسلمين ومجتمعاتهم، ولقد أحسن فيما قال، جزاه الله خيرًا، وزادنا وإياكم وإياه علمًا وهدى وتوفيقًا.
ولا شك أن الموضوع موضوع واقعي، وموضوع كتب فيه الناس واشتبه أمره على بعض الناس، فمن الناس من يدعو إليه تقليدًا على غير بصيرة، ومنهم من التبس عليه الأمور وظن أنه مصيب واشتبهت عليه الأمور، ومنهم من له هوى في ذلك للمآكل والمشارب وما يقع في ذلك من أشياء أخرى، فلهم في هذا جهود، ولهم في ذا أغراض، ولهم في هذا انقسامات، فهم على كل حال الدعاة إلى هذه البدعة أقسام وأصناف من الناس، فيهم من نظن أنه لبس عليه الأمر، وظن أنه على صواب، فيحتاج إلى بيان وإيضاح حتى يتضح له الحق، وفيهم من هو المعاند على غير هدى وعلى غير بصيرة؛ لأسباب اقتضت ذلك، من فساد في العقيدة، والتباس الأمور، وقصد إيجاد الشر والفساد والفتنة بهذه الواسطة حتى يدعو إلى الشرك بالله وإلى عبادة غيره، وحتى يوقع الناس في ظلمات الجهل والظلام وفيما كان عليه عباد الأوثان من تعظيم الأولياء والصالحين وعبادتهم من دون الله ودعائهم والاستغاثة بهم والنذر لهم والذبح لهم ونحو ذلك بواسطة هذه الموالد والاحتفال بها.
وقد كتب الناس في ذلك، وكان أولهم في ذلك فيما نعلم في القرن الرابع كما ذلك صاحب الإبداع في مضار الابتداع، وذكر أن أول من أحدث ذلك فيما قيل هم الفاطميون الذين ملكوا مصر والمغرب في المائة الرابعة وما بعدها إلى المائة السادسة، وهم شيعة رافضة، قال فيهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه: إن ظاهرهم الرفض وباطنهم الكفر المحض، فهم أحدثوا بهذا وجعلوا الاحتفالات بعضها لأهل البيت لعلي والحسين والحسن وبعضها لفاطمة وبعضها لحاكمهم وبعضها للنبي عليه الصلاة والسلام، ولم تعرف هذه البدعة في القرون المفضلة لا في عهد النبي ﷺ، ولا في عهد أصحابه، ولا في عهد القرن الثاني ولا ....... لقلة المبالاة، وقلة الورع والإيمان، فهذا القرن الرابع وقعت فيه هذه البدعة الذي ذكره النبي ﷺ وأنه يكون فيه هذه الشرور الكثيرة.