وجوب الرجوع عند التنازع إلى الكتاب والسنة

ولا شك  أن الواجب هو إيضاح الحق من طريق الكتابة، ومن طريق وسائل الإعلام، ومن طريق الخطابة، ومن طريق المناظرة والمناقشة، كل هذا حق في إيضاح الحق فيما يتعلق بالمولد وغير المولد، لا شك أن الواجب على أهل العلم إيضاح الحق بأدلته من الطرق الممكنة، مثل طريق الخطابة، ومن طريق وسائل الإعلام، ومن طريق الاجتماع والمناقشة؛ لأن الله يقول: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ [النساء:59]، ويقول سبحانه: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [الشورى:10]، فالله جل وعلا أوضح لنا أن الرد إلى الكتاب والسنة وأن الحكم فيما يختلف فيه الناس إلى الله ، فإذا تنازع الناس في المولد أو غير المولد وجب أن يردوه إلى الله إلى القرآن، وإلى الرسول إلى السنة، إلى الرسول في حياته وإلى السنة بعد وفاته عليه الصلاة والسلام؛ لأن الله قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء:59]، فهذا هو الواجب على أهل الإسلام حكامًا ومحكومين، الواجب عليهم أن يردوا ما تنازعوا فيه إلى القرآن والسنة، فما حكم فيه القرآن أو السنة وجب الأخذ بحكم القرآن والسنة، وما خالف ذلك رد على من أحدثه وعلى من قاله.

وقد أقر الموافق والمخالف أقروا جميعًا في هذه المسألة الذين يفعلون احتفالًا والذين لا يفعلونه كلهم مقرون بأنه بدعة، وأنه غير موجود في عهد النبي ﷺ، ولا في عهد أصحابه، ولا في عهد القرن الثاني ولا في عهد القرن الثالث، ومعلوم أنه لو كان خيرًا وشرعًا لسبقونا إليه، فهم أسبق الناس إلى كل خير، أصحاب النبي ﷺ هم أسبق الناس إلى كل خير، هم أعظم الناس محبة للرسول ﷺ، وهم أكثر الناس اتباعًا له ودعوة إلى سنته، وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، فكيف يحرمون هؤلاء من هذه السنة ويحظى بها من بعدهم بقرون فيكون هم الذين عظموا النبي ﷺ وأحيوا هذه السنة والصحابة غفلوا عنها وجهلوها ولم يعملوا بها؟! هذا مستحيل، هذا من المستحيلات، الصحابة أولى الناس بكل خير، وأولى الناس بالعلم والحق، ولا يجوز أن تكون قرونهم -قرن الصحابة ومن بعدهم من القرون المفضلة لا يجوز أن تكون- على الباطل، وجاء بعدهم أناس عرفوا الحق وصاروا إليه، النبي  قال: لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، فلو كان حقًا لكان موجودًا في عهد النبي ﷺ موجودًا في عهد أصحابه، فلما لم يوجد في عهدهم دل على أنه ليس بحق، وأنه احتفال منكر، إذ لا يجوز أبدًا أن تخلو العصور الثلاثة من خير يحبه الله ورسوله، ثم يحظى به من كان بعدهم من الناس الذين عظم جهلهم وعظم اختلافهم وبعدهم عما جاء به المصطفى عليه الصلاة والسلام، إلا من شاء الله منهم من أهل التحقيق والبيان والاستقامة.