وسمعتم أن الأمراض منوعة منها مرض الشهوة الذي فيه يميل الإنسان إلى المحرمات من الزنا والخمور وإيثار العاجلة من الدنيا ونحو ذلك، فقد يصاب الإنسان بمرض الشهوة بالنساء واللواط وأشباه ذلك، فيبتلى بذلك ويطلبه لما في قلبه من هذا المرض من الميل إلى الزنا والفواحش واللواط ونحو ذلك، فيكون مصابًا بهذا المرض الخطير، وربما أفضى به إلى الكفر بالله بعد المعصية، نسأل الله العافية، فإن المعاصي بريد الكفر، مثل المرض مثل ما أن الأمراض بريد الموت فالمعاصي بريد للكفر، نعوذ بالله من ذلك، قد يتساهل بها الإنسان ويستمر فيها فيخرج بها إلى الكفر بالله، نعوذ بالله، وقد تكون الشهوة شهوة الخمر والسكر فيبتلى بها ولا يقلع منها نعوذ بالله، وقد يصاب بمرض الحسد والكبر والترفع على الناس فلا يرى أن يقبل الحق، ويرى أن قبوله غض عليه ونقص عليه، وهذا داء إبليس، فإنه تكبر على آدم ولم يسجد له وقَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [ص:76]، فتكبر على أبينا آدم وحسد وتطاول فلعنه الله وغضب عليه، وأبعده عن الرحمة إلى يوم القيامة، وهذا مرض أيضًا علماء اليهود وأحبار اليهود تكبروا عن اتباع محمد عليه الصلاة والسلام وأصيبوا بمرض آخر وهو الحسد أيضًا، فاجتمع لهم الحسد والكبر فلم يقبلوا الحق إلا من شاء الله منهم، وهم القليل، ويضاف إلى ذلك أيضًا مرض حب الدنيا وإيثار العاجلة، فيخشى أنه إذا أسلم أو فعل هذه الطاعة أو ترك هذه المعصية أن يزال عن وظيفته، أو يزال عنه هذا المال الذي يأكله، وهذه الأشياء التي تساق إليه من الدنيا فيرضى بالباطل ويبقى على الباطل، وقد يكون ذلك أيضًا مثل ما تقدم من جهة الكبر مرض الكبر، فإن كفار قريش المعروفين بالرياسة والتقدم فيهم حملهم كبرهم وحسدهم الذي أصيب به اليهود حملهم على ترك اتباع النبي محمد عليه الصلاة والسلام، كأبي جهل وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والنضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط وأشباههم حملهم حسدهم وكبرهم على الكفر بالله، وعدم الانقياد لما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام، كما قال : قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ [الأنعام:33]، يجحدونها بغيًا وحسدًا وكبرًا لا عن جهل، والعياذ بالله.
وأنواع مرض الشهوات وأنواع الأمراض التي تمنع من طاعة الله ورسوله وتمنع من الدخول في الإسلام متنوعة، نسأل الله العافية، كما أن مرض الشبهة أيضًا كذلك ابتلي به المنافقون وقد يبتلى به غيرهم من أنواع الكفرة تقوم عندهم شبهة فيجحدون الحق ويميلون إلى الباطل بسبب الشبهة التي قامت لهم، وهكذا بعض أهل المعاصي قد تجرهم شهواتهم إلى الشبهة، قد تكون شهوة أولًا، ثم تنقلب إلى شبهة، فيستحلون بها محارم الله، وينقادون بها لمعاصي الله، نسأل الله العافية.