فالواجب على أهل الإسلام أن ينتبهوا لهذا الأمر، وأن يتمسكوا بالإسلام حقًا، وألا يكونوا غثاء، فالجاهل بدينه أقل شيء يخرجه عن دينه، فالواجب التبصر والتفقه في الدين، وألا يغتر المؤمن بأقوال الأعداء وما يروجون، وما يزهدون به من الباطل، قال النبي ﷺ: من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، فالدين هو ما جاء به كتاب الله القرآن، وما جاءت به السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من أحكام وأعمال وأقوال وعقائد، فمن أراد الفقه بالدين فعليه بالقرآن الكريم، عليه بتدبر القرآن، عليه بالإقبال على كتاب الله تفقهًا وتدبرًا وتعقلًا وعمًلا، وبالسنة، سنة الرسول عليه الصلاة والسلام بحفظ ما تيسر منها وتدبرها وتعقلها والمذاكرة فيها؛ لأنها تشرح الكتاب وتوضح ما قد يشكل من الكتاب، وهي محفوظة بحمد الله، كما حفظ الله كتابه حفظ السنة، وقيض لها علماء نقادًا جهابذة، علماء مؤمنين صالحين ينفون عنها تحريف الغالين وتأويل الجاهلين، وامتحان المبطلين، ووضحوا الصحيح من السقيم، وبينوا للناس ما ثبت عن رسول الله ﷺ، وبينوا المعاني والأحكام، وفسروا كتاب الله بسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ووضعوا لهذا قواعد وأصول يسير عليها العلماء، ومن أراد الحق والهدى فالباب مفتوح، والباب واضح، والطريق بين، وذلك بالإقبال على القرآن تلاوة وتدبرًا فهو بين أظهرنا بحمد الله ميسر لمن أراد الهداية، يقول الله سبحانه: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9]، قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ [فصلت:44]، كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [ص:29]، وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأنعام:155]، هذا شيء واضح، ولكن أكثر الخلق في إعراض عن هذا الشيء وفي غفلة، ربما يمر عليه الشهر والشهران لا ينظر في كتاب الله، ولا يتدبر كتاب الله، وربما تمر السنة ولم يختم كتاب الله ولم يقرأه من أوله إلى آخره، وهم مسلم عنده كتاب الله ولكن ليس عنده الرغبة الصادقة في أن يقرأ كتاب ربه ويتدبر ويتعقل وينظر، يا أيها الناس يا أيها الذين آمنوا يخاطبك أنت من الناس، وأنت من الذين آمنوا، يخاطبك بالأوامر والنواهي يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ [النساء:1]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ [البقرة:278]، فهو يخاطبك بالأوامر والنواهي وأنت واحد من الناس واحد من المؤمنين، فلماذا لا تتدبر وتتعقل؟ لماذا لا تقبل على كتاب الله؟ هل القرآن لناس مخصوصين؟ للعلماء خاصة الكبار لا للجميع، القرآن لكل مسلم، ما هو للعلماء وحدهم، لكل مؤمن لكل مسلم يتدبر هذا الكتاب ويتعقل حتى يستفيد حتى يعرف مراد الله، حتى يعلم ما أمر الله به ورسوله، حتى يعرف ما نهى الله عنه، حتى يكون على بينة، وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام:153]، يدعوك إلى توحيده والإخلاص له، وإلى طاعة أوامره وترك نواهيه، يعلمك أعمالًا مجيدة، وأخلاقًا فاضلة، يدعوك إلى أن تأخذ بها، حتى تكون عبدًا سليمًا تقيًا موفقًا، وينهاك عن أخلاق رذيلة، وعن سفاسف الأخلاق، وعن أعمال سيئة إذا تركتها وابتعدت عنها كنت من أولياء الله، ومن الأخيار، وكنت من أصحاب السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة، ولكن الشيطان وأولياء الشيطان يدعون إلى خلاف ذلك، أولياء الشيطان يثبطون عن كتاب الله، وعن تدبر كتاب الله، وعن الأخلاق والأعمال التي يدعو إليها كتاب الله، ويشجعون على الأخلاق ضد ذلك من الزنا والفواحش وصحبة الأشرار وعمل الربا والقمار إلى غير هذا من أخلاق الرذيلة، يدعون الناس إلى أن يسكروا مع السكارى، ويبقوا مع المجانين الذين ضيعوا عقولهم وضيعوا دينهم وأخلاقهم، فأعداء الله هذه دعوتهم، أعداء الله مع الشيطان يدعونكم إلى الفساد، وانحراف الأخلاق، وفساد العقائد، وأن تكونوا حطبًا للنار، هذه دعوة الشيطان وأوليائه من حزبه من اليهود والنصارى وغيرهم، وكتاب الله يدعوكم إلى أن تكونوا أولياء لله، أن تكونوا أتقياء أخيارًا عافين عن محارم الله، مستقيمين على دين ا،لله ترضون بما شرع الله، وتحلون ما أحل الله، وتحرمون ما حرم الله، وتقفون عند حدود الله، حتى تنتقلوا إلى دار الكرامة إلى دار النعيم والسعادة وتسلموا من دار الهوان والعذاب ........ في كل زمان وفي كل مكان إنما يريدون بكم الهلاك والدمار، تارة بالعلن، وتارة بالمكر والخداع، وهكذا أصحابهم المنافقون هم من جنس ذلك، المنافقون يتظاهرون بالإسلام وهم في الباطن مع الأعداء، يدعون إلى كل فساد، وإلى كل رذيلة، ويشككون المسلمين في دينهم، ويدعونهم إلى نبذ الدين وإلى اعتناق أخلاق الضالين، فيجب الحذر، ولا سلامة ولا نجاة ولا سعادة إلا بالعودة إلى كتاب الله، والتدبر لكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، والتأسي بأصحاب النبي ﷺ في أخلاقهم وأعمالهم وجهادهم وصبرهم، ثم من سار على نهجهم واتبع طريقهم إلى يومنا هذا من أهل الخير والاستقامة، هذا هو طريق النجاة، وطريق السعادة.
ولقد سمعتم في محاضرة الشيخ محمد رأفت شيئًا كثيرًا من أعمال أعداء الله، وكيد أعداء الله، فيها لكل مؤمن عبرة، حتى يحذر أعداء الله أينما كانوا، وهناك أشياء كثيرة ....... تحتاج إلى أوقات كثيرة، لكن يكفي للعاقل الإشارة ....... ولو قليلًا، مع أنكم سمعتم شيئًا كثيرًا من أعمال أعداء الله وكيد أعداء الله وفي القرآن الكريم، من ذلك ما يكفي ويشفي، وفي السنة من ذلك ما يكفي، وفي التاريخ الإسلام ما يكفي، وفي أعمال الموجودين من اليهود والنصارى لمن تدبر ما يكفي، وفيه الدلالة على كيدهم، وخبثهم، وضلالهم، وبغيهم، والعداء للمسلمين، والشر للمسلمين، والكيد للمسلمين.