بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخليله وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين.
أما بعد:
أيها الإخوة في الله لقد سمعنا جميعًا هذه الندوة المباركة التي تولاها صاحبا الفضيلة: الشيخ محمد بن حسن الدريعي، والشيخ عبدالعزيز بن إبراهيم العسكر، فيما يتعلق بوسائل الإعلام ومصالحها وأخطارها وأضرارها، ولقد أحسنا وأفادا وبينا ما يجب أن تكون عليه هذه الوسائل، وما يجب أن تطهر منه، وما يجب أن تتولى علاجه، فجزاهما الله خيرًا، وزادنا وإياكم وإياهما علمًا وهدى وتوفيقا، ونفعنا جميعًا بما سمعنا وبما علمنا.
ولا ريب أن الأمر كما قال الشيخان: وسائل الإعلام خطيرة جدًا، وهي أسلحة ذات حدين، إن وجهت إلى الخير وعمرت بالخير وأملي فيها الخير نفعت العالم، وإن كان الأمر الآخر ضرت العالم، وهي الآن فيها كذا وكذا، فيها الشر الكثير والخير القليل، وخطرها بلا شك عظيم، والواجب على ولاة الأمور في كل مكان وعلى المصلحين من العلماء والأخيار أن يعنوا بها، وأن يبذلوا المستطاع لإصلاحها من جهات كثيرة كما سمعتم، فهناك إصلاح من جهة تضييق الأوقات وعدم التوسع في الوقت، وهناك إصلاح من جهة ما يبث فيها من مرئي ومسموع ومقروء فيما يتعلق بالوسائل التي تحت إدارة المسلمين ومن يرجى فيه الخير، وأما الوسائل الأخرى التي تحت أيدي الكفرة ودعاة الهدم ودعاة الإلحاد فلا طريق إلى السلامة منها إلا إغلاقها وعدم السماع لها، هكذا شأن المؤمن، شأن المؤمن أن يغلق كل شيء يضره ولا يستمع له، هذه آلة بإمكانك إغلاقها وفتحها، تفتحها على الخير، اسمع القرآن الكريم، اسمع العلم النافع، اسمع الفوائد التي تنفعك في دينك ودنياك، ثم أغلقها عما سوى ذلك، وألزم من تحت يديك بذلك، حتى تكون معهم من المتعاونين على البر والتقوى، وأما من أراد أن يسمع كل شيء فلا بد أن يضره ذلك ضررًا كثيرًا، ولا بد أن يضر من تحت يديه من أولاد وأهل وغير ذلك، وقد تكلم المصلحون وقد بسط المصلحون وكتب المصلحون في هذه المسائل والتوفيق بيد الله جل وعلا الله الذي يهدي القلوب ويوفق المسؤولين ويأخذ بأيديهم لا رب سواه ولا إله غيره ، ولاسيما أكثر ما يهمنا ما يتعلق بوسائل الإعلام التي في أيدي المسلمين.
أما التي في أيدي الكفار فليس لنا فيها حيلة إلا الحذر من شرها، وعدم سماعها، وعدم أخذ شيء منها في بلادنا، وفي صحفنا، وفي تلفازنا وفي إذاعتنا، ونحن في آخر الزمان، نحن في القرن الخامس عشر في غربة الإسلام، قد تكالب أعداء الإسلام على الإسلام وبذلوا كل ما يستطيعون لتشويه سمعة الإسلام، والكذب على الإسلام، وعلى نبي الإسلام، هذا واقع، ملأوا الدنيا مؤلفات غير ما في الإذاعات ملأوا الدنيا مؤلفات ومصنفات ومجلدات كثيرة وأذاعوا في الإذاعات ونشروا في التلفاز وبثوا فيه وفي الصحف السيارة ما لا يحصى ولا يعد مما يضر المسلمين، ومما يضر العالم كله.