الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد سبق بعض التعليق على الندوة المباركة فيما يتعلق بالإنفاق على الفقراء والمحاويج ومواساتهم من الزكاة وغير الزكاة، والآن يكون الجواب عن بعض الأسئلة التي تتعلق بالموضوع، وما يضاف إليها فمما يجدر التنبيه عليه، والحث عليه في هذا العصر عصر غربة الإسلام، وقلة العلم والعلماء، وكثرة الجهل، وغلبة الطمع، وحب المال والشغل به على النفوس، الحث على طلب العلم والتفقه في الدين، فإن العبد لم يخلق في هذه الدار ليكسب الأموال ولا ليقيم العمارات ولا ليشق الأنهار ويغرس الأشجار ولا لغير هذا من أمور الدنيا، وإنما هذه جعلها الله عونًا له على طاعته وعلى أداء حقه، يسر له هذه الأمور وأباح له التجارة والغراس والزراعة والتجارة وغير ذلك ليستعين بها على طاعة الله وأداء حقه، فينبغي له أن يعنى بما هو أكبر من ذلك، وألا تشغله التجارة والزراعة وغير ذلك عن طلب العلم والتفقه في الدين فإن ذلك من أعظم المهمات التي تعينه على طاعة الله وتعينه على أن يعرف حق الله في ماله، فإن الجهل مصيبة وداء عضال، فإذا رزق الله العلم العبد تصرف في ماله كما ينبغي، وأدى الحق الذي عليه كما ينبغي، وإذا كان جاهلًا فليس كل جاهل يتيسر له من يعلمه ويوجهه، فقد يبقى في جهة من الجهات وقرية من القرى ليس عنده من يوجهه ومن يعينه على أداء الواجب فتعلم الإنسان ما لا يسعه جهله وتفقهه في الدين أمر مهم من أهم المهمات ومن أوجب الواجبات، فينبغي لك -يا عبدالله- أن تعنى بهذا الأمر، وألا تشغلك تجارة ولا زراعة ولا وظيفة ولا غير ذلك عن طلب العلم والتفقه في الدين.