1181- وعَنْ أَنَسٍ: أَنَّ الرُّبَيِّعَ بِنْتَ النَّضْرِ -عَمَّتَهُ- كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ، فَطَلَبُوا إِلَيْهَا الْعَفْوَ، فَأَبَوا، فَعَرَضُوا الْأَرْشَ، فَأَبَوْا، فَأَتَوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فأَبَوا إِلَّا الْقِصَاصَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْقِصَاصِ، فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ؟! لَا والَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَا أَنَسُ، كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ، فَرَضِيَ الْقَوْمُ، فَعَفَوْا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، واللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
1182- وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ قُتِلَ فِي عِمِّيَّا أو رِمِّيَّا بِحَجَرٍ، أو سَوْطٍ، أو عَصًا، فعقلُه عَقْلُ الخطأ، ومَنْ قُتِلَ عَمْدًا فَهُوَ قَوَدٌ، ومَنْ حَالَ دُونَهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ.
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، والنَّسَائِيُّ، وابْنُ مَاجَهْ، بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ.
1183- وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: إِذَا أَمْسَكَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ، وقَتَلَهُ الْآخَرُ، يُقْتَلُ الَّذِي قَتَلَ، ويُحْبَسُ الَّذِي أَمْسَكَ.
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مَوْصُولًا، وصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ، ورِجَالُهُ ثِقَاتٌ، إِلَّا أَنَّ الْبَيْهَقِيَّ رَجَّحَ الْمُرْسَلَ.
1184- وعَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَتَلَ مُسْلِمًا بِمُعَاهَدٍ، وقَالَ: أَنَا أَوْلَى مَنْ وَفَى بِذِمَّتِهِ.
أَخْرَجَهُ عَبْدُالرَّزَّاقِ هَكَذَا مُرْسَلًا.
وَوَصَلَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِذِكْرِ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ، وإِسْنَادُ الْمَوْصُولِ واهٍ.
الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهُداه.
أما بعد: فهذه الأحاديث أيضًا تتعلق بالجنايات:
الحديث الأول: حديث أنس بن النَّضر، وقصَّة الربيع، حديث أنس بن مالك بن النضر خادم النبي ﷺ، يذكر أنَّ الربيع بنت النَّضر –عمَّته- كسرت ثنية جاريةٍ، فطلب أولياؤها القصاص، وطلب أصحابُ الربيع الأرش، وقالوا: لعله يرضى بالأرش، فأبوا إلا القصاص، فأتوا النبيَّ ﷺ، فقال أنسُ بن النضر : أتُكسَر ثنية الربيع؟! لا والذي بعثك بالحقِّ، لا تُكسر ثنيَّتها.
وأنسٌ هذا من الصحابة المعروفين، وممن قُتل يوم أحدٍ، كان لما أدبر الناسُ تقدَّم إلى المشركين، وقاتل حتى قُتل ، وهذه القصة قبل أُحُدٍ.
وفيه قوله ﷺ: إنَّ من عباد الله مَن لو أقسم على الله لأبرَّه، في هذا أنَّ العبد إذا جُنِيَ عليه جناية عمدًا فالواجب القصاص إذا توفرت الشروط، ولهذا قال النبيُّ ﷺ: كتاب الله القصاص، يعني: حكم الله القصاص، كما قال جلَّ وعلا: وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ [البقرة:179]، وقال: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ [المائدة:45]، والقصَّة هذه حصلت قبل نزول المائدة، المائدة تأخَّر نزولها، لكن يُؤخذ من قوله تعالى: وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ.
فلما أصرَّ القومُ على القصاص عرض عليهم الفدية، فهداهم الله ورضوا وقبلوا وعفوا، فهذا من تيسير الله، ومن إبرار إقسام أنس، ولهذا قال ﷺ: إنَّ من عباد الله مَن لو أقسم على الله لأبرَّه؛ لأنَّ أنسًا أقسم حُسن ظنٍّ بالله، ليس اعتراضًا على الشرع، ولكن من باب حُسن الظن بالله، وأن الله سوف يهديهم، وسوف يرضون بالأرش، ويسمحون عن أخته، فحقق الله ظنَّه وسمحوا.
فهذا يدل على أنه إذا حاول العفو وحاول أن يُرضيهم فلا بأس، ولو أرضاهم بأكثر من الدية، لا حرج في ذلك، وأنه إذا أقسم بالله حُسن ظنٍّ بالله، وأن الله سوف يُسهل رضاهم، فلا حرج عليه في ذلك: إنَّ من عباد الله مَن لو أقسم على الله لأبرَّه، لا عن اعتراضٍ على الشرع، ولكن من باب حُسن الظن بالله أنه سوف يفعل ما يُرضيهم، ويطيعهم حتى لا يُصمِّموا على طلب القصاص.
والحديث الثاني حديث ابن عباس: مَنْ قُتِلَ فِي عِمِّيَّا أو رِمِّيَّا بِحَجَرٍ، أو سَوْطٍ، أو عَصًا، فَعَلَيْهِ عَقْلُ الْخَطَأ، ومَنْ قُتِلَ عَمْدًا فَهُوَ قَوَدٌ، ومَنْ حَالَ دُونَهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ.
العميا والرميا: القتل المشتبه الذي يشترك فيه جماعةٌ بالرمي، أو بالأسواط، أو بغيرها، ويشتبه القاتل، فعقله عقل الخطأ على الجميع، يشتركون فيه، عليهم عقله، يُوزَّع بينهم، أما إذا عُرف القاتل فهو القود، مثلما قال النبيُّ ﷺ، أما إذا كان اشترك ناسٌ، وعمي الأمر، ولم يُعرف القاتل؛ لكثرة مَن شارك في الهوشة، فإنه تكون عليهم الدِّية، تُوزَّع عليهم، وعليهم دية شبه العمد.
وأما مَن قُتِلَ عمدًا –يعني: عُلِمَ أنه قُتِلَ عمدًا- فهو القود بشروطه، وفيه الوعيد على مَن حال دون ذلك، وأن الواجب على المؤمن الحذر من أن يحول بين حدٍّ من حدود الله، بل يجب على المؤمن أن يُساعد في ذلك، مثلما قال النبيُّ ﷺ في قصة المخزومية: إنما أهلك مَن كان قبلكم أنَّهم كانوا إذا سرق فيهم الشريفُ تركوه، وإذا سرق فيهم الضَّعيفُ أقاموا عليه الحدّ، وايم الله، لو أنَّ فاطمة بنت محمدٍ سرقت لقطعتُ يدها، فهلك ..... بالحيف، وعدم تنفيذ أوامر الله، وهكذا يجب على المؤمنين أن يُنَفِّذوا أمر الله، سواء كان قودًا، أو حدًّا، إلا أن يرضى أولياءُ المقتول بالدِّية أو بأكثر من الدِّية فلا بأس.
وحديث عبدالرحمن بن البيلماني في قتل المسلم بالمعاهَد، والحديث ضعيفٌ، فلا تقوم به الحجَّة، وقد ثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال: لا يُقتل مسلمٌ بكافرٍ رواه البخاري في "الصحيح".
فالمسلم لا يُقتل بالكافر، لا رجل، ولا امرأة، من شرط القود: أن يتَّفقا على الدِّين، يكونا مسلمين، أو كافرين، أما أن يكون أحدُهما مُسلمًا، والمقتول كافرًا، فلا يُقتل المسلمُ بالكافر، ولكن تجب الدِّية والتَّعزير إذا تعمَّد ذلك، على ولي الأمر أن يُلزمه بالدية مع التَّأديب والتَّعزير على تعمُّده، ..... يقتل الذي قتل، ويمسك الذي أمسك، أمسكه حتى قتل، فيسجن، ويقتل، حتى يموت مثل الذي أمسك ذاك حتى مات، هذا هو الأرجح.
وقال بعضُ أهل العلم: يُقتلان جميعًا، يُقتل القاتل، والممسِك؛ لأنه أعانه على قتله، ولكن الحديث طرقه جيدة، ولا بأس به، والمعنى يقتضي ذلك، فكما أمسكه حتى قتل الممسَك، فهو أيضًا يُمْسَك حتى يموت؛ لأنه أمسكه حتى تمَّ عليه القتل.
وقال بعضُ أهل العلم: إنه إذا أمسكه وهو يعلم أنه عدوانٌ عمد أنه يُقتل؛ لأنه مشاركٌ، يُقتل معه؛ لأنَّ قتل الجماعة بالواحد أمرٌ جائزٌ، جاء به الشرع، فإذا أمسكه ويُعينه على قتله قُتِلَ به؛ لأنَّ القاعدة الشرعية قتل الجماعة بالواحد، يتعمّد قتله، وهو قولٌ قويٌّ؛ لكن الأخذ بظاهر الحديث لا بأس به، بل يُمْسَك، يعني: يُحْبَس حتى يموت، كما حبس المقتول حتى مات -نسأل الله العافية.
الأسئلة:
س: إذا اشترك مُسلمان في قتل ذمي؟
ج: عليهما الدِّية.
س: النصف، والنصف؟
ج: عليهما الدية، نعم، بينهما، نعم.
س: "إذا اشترك أهلُ صنعاء في قتل مسلمٍ لقتلتهم به"؟
ج: هذا من قول عمر في قتل الجماعة بالواحد، وهذا قولٌ لأهل العلم، إذا اشترك جماعةٌ وتوفَّرت الشروطُ قُتلوا به.
س: مَن قتل بالسُّمِّ؟
ج: يُقتل بالسم، أو بالسيف، كله واحد، إذا تعمَّد، توفرت الشروط، إذا توفرت شروط العمد يُقتل.
س: مثلًا الحدّ يا شيخ؟
ج: إذا تعمَّد قتله بالسم، أو قتل بالسكين، أو بالرمح، أو بغيره يُقتل.
س: ولي الأمر هل له أن يقتل بالسم؟
ج: له أن يقتل بالسم قصاصًا.
س: قوله: "عن نيَّةٍ" ألا يُودَى من بيت المال؟
ج: لا يؤدى، يعني: يُعفى عنهم مساعدةً لهم على الفساد؟!
س: قتل بالرصاص، أو بالسم، ما يكون؟
ج: قصاص، من باب القصاص: وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ [البقرة:179]، لما قتل اليهوديُّ الجاريةَ بالرضِّ رضَّ رأسَه النبيُّ ﷺ.
س: ما صحَّة حديث: لأن يُقام حدٌّ من حدود الله خيرٌ من أن تُمْطَروا أربعين خريفًا؟
ج: حديثٌ مشهورٌ، ولكن لا أعرف حال سنده.
س: ما حكم إعطاء الأجرة للمُطوفين؟
ج: ما في حرج، يُرشده، لكن كونه يطوف به أفضل.
س: ما ضابط الرحم الذين تجب زيارتهم؟
ج: هم القرابات، الأقرب فالأقرب، مثلما قال ﷺ لما قيل له: يا رسول الله، مَن أبَرُّ؟ قال: أمّكَ، قال: ثم مَن؟ قال: أمّكَ، قال: ثم مَن؟ قال: أمّك، قال: ثم مَن؟ قال: أباك، ثم الأقرب فالأقرب، إخوته، ثم أخواله، وأعمامه، وهكذا حسب التَّيسير.
س: ما صحَّة حديث: استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان؟
ج: يُروى عن عمر، ما أعرف شيئًا أنَّ الحديث مرفوع، يُروى عن عمر .
س: بعض الوُجهاء وأهل الإصلاح يذهبون إلى أهل القتيل لكي يتنازلوا عن القصاص، هل هذا من ...؟
ج: الشَّفاعة لا بأس بها، مثلما في قصة الربيع.
س: قبل السلطان؟
ج: إيه، ما في شيء، ما هو بحدٍّ، هذا حقُّ آدمي.
س: ..... ما يعمل بالقسامة؟
ج: لعله ما جاءه الحديثُ الصحيح.
س: هل شرعُ مَن قبلنا شرعٌ لنا إذا سكت عنه شرعُنا؟
ج: إذا لم يأتِ شرعُنا بخلافه.
1185- وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قُتِلَ غُلَامٌ غِيلَةً، فَقَالَ عُمَرُ: "لَوِ اشْتَرَكَ فِيهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ بِهِ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.
1186- وعَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: فَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ بَعْدَ مَقَالَتِي هَذِهِ فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيرَتَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَأْخُذُوا الْعَقْلَ، أو يَقْتُلُوا.
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، والنَّسَائِيُّ.
1187- وأَصْلُهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِمَعْنَاهُ.
الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.
أما بعد: فحديث ابن عمر عن عمر في قتل الغيلة، يقول : "لو اشترك فيه أهلُ صنعاء لقتلتُهم به"، وهذا يدل على أن الاشتراك في القتل يُوجب القود من الجميع، وأنَّ قتل الغيلة لا يُصار إلى الورثة، بل يجب قتله.
وفي القصة أنَّ امرأةً ومَن فعل بها اشتركا في قتل غلامٍ، فقتلهما به رضي الله عنه، وقال: "لو اشترك فيه أهلُ صنعاء لقتلتُهم به".
المقصود من هذا أنه إذا اجتمع جماعةٌ في قتل إنسانٍ: ثلاثة، أو أربعة، أو أكثر اشتركوا يُقتلون به، إذا كان على كلِّ واحدٍ ما يحصل به القتل فإنهم يُقتلون به جميعًا، وإذا كان غيلةً فكذلك، وهو قتل الخديعة كما تقدَّم في قصة الذي رضَّ رأس الجارية، وأخذ حُليها، أمر النبيُّ ﷺ برضِّ رأسه، ولم يُشاور الورثة؛ لأنه قتل غيلةٍ، فالقاتل غيلة يُقتل، مثل: إنسان قال: تفضل قهوة، أو تفضل غداء، وقتله، وما أشبه ذلك، فهذا لا يُنظر فيه الورثة، ولا يسمح بالدية، بل لا بدّ من قتله؛ حمايةً للمُجتمع من شرِّ أمثال هؤلاء.
أما القتل جهرةً: كأن تنازعوا وتضاربوا وقتله، فهذا لهم الخيار، أما قتل الغِيلة –الخديعة- فهذا يُقتل بكل حالٍ، وإن كانوا جماعةً اشتركوا في ذلك يُقتل الجميع؛ لأنهم تعاونوا على الإثم والعدوان، واشتركوا في الظلم، فوجب قتلُهم جميعًا.
أما حديث أبي شُريح الخزاعي: فهو من حديث أبي هريرة: خطب النبيُّ ﷺ في عام الفتح، وبيَّن للناس أنَّ مَن قتل عمدًا ففيه القود، وإن اختار أهلُه الدِّية فلا بأس، فأهله بين خيرتين: إما أن يرضوا بالعقل، وهو الدية، وإما أن يقتلوا، ولهم أمرٌ ثالثٌ وهو العفو، وهذا ثبت عن النبي ﷺ من حديث بُريدة، ومن حديث أبي شُريح، ومن أحاديث أخرى تدل على أنَّ قتل العمد يُوجب القود إلا أن يرضى أولياءُ المقتول بالدية، أو يرضوا بالعفو، أو يتراضوا مع القاتل أو مع أقاربه على أكثر من الدية، فإذا تراضوا ولو بديةٍ مُضاعفةٍ -عشرة أضعاف مضاعفة- فالحقُّ لهم لا يعدوهم، إذا كانوا مُرشدين، أما إذا كانوا صغارًا فينتظرون حتى يرشدوا.
الأسئلة:
س: حق العفو عن القصاص يكون لأهل الميت من الرجل والنساء؟
ج: للورثة، الذين يستحقُّونه، رجالًا ونساء، هذا الصواب، هذا الراجح، بعض أهل العلم قال: للعصبة خاصَّة، والصواب أنه يعمُّهم؛ لأنَّ الرسول قال: فأهله بين خيرتين، ما قال: العصبة، ما قال: الرجال، قال: أهله بين خيرتين: إما أن يأخذوا العقلَ، وإما أن يقتلوا.
س: يدخل فيه الرجال والنساء؟
ج: نعم، أمه وابنته، وأخواته، كلهم.
س: قتل الجماعة بالواحد هل هو مشروطٌ: إذا كان فعلُ كل واحدٍ منهم يصلح للقتل؟
ج: إذا حصل الاشتراكُ في القتل، حتى يُنْسَب إلى كلِّ واحدٍ أنه شارك في القتل، مثل: هذا قطع يده، وهذا قطع رجلَه، وهذا ذبحه بالسكين، يعني: كل واحدٍ فعل شيئًا يمكن أن يكون قتلًا، بخلاف الإمساك الذي تقدَّم، فإنَّ الممسِك يُحبس حتى يموت.
س: لكن لو حصل: هذا طعنه بالسكين، وهذا طعنه بالسكين؟
ج: .........
س: قول عمر : "لو اشترك أهلُ صنعاء في قتل الغيلة"؟
ج: مبالغة، يعني هذا قصده.
س: في قتل الغِيلة؟
ج: لا، لا، في القتل مطلقًا، وإذا كان غيلةً أشد.
س: هل يُسمَّى للآيات غير الكسوف؟
ج: لا أعرف الدليلَ القائم إلا في الكسوف، وأما الآيات فذكر ابنُ عباس أنه يُصلَّى، لكن يحتاج إلى تأمُّلٍ، يحتاج إلى جمع الروايات فيها.
س: هل صلاة العيدين والكسوف فرضُ عينٍ؟
ج: الأقرب والله أعلم أنها فرضٌ؛ لأن الرسول أمر بذلك، بعض أهل العلم يراها سنةً، وبعضهم يراها فرض كفايةٍ، والأقرب والله أعلم أنها فرضٌ .....؛ لأنَّ الرسول ﷺ صلَّاهما، وأمر بهما، صلَّى العيد، وصلَّى الكسوف، وأمر بذلك، لكن العيد أشدّ، العيد أشبه بالجمعة، والراجح فيها أنها فرض عينٍ، وقال جماعةٌ أنها فرض كفايةٍ، وقال آخرون أنها سنة، والأرجح أنها فرض عينٍ كالجمعة، والكسوف تُشبه ذلك، لكنها دون العيدين، دون الجمعة، الرسول ﷺ حثَّ على ذلك فقال: فإذا رأيتُم منها شيئًا فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه .....، وهذا هو الأصل في الأمر، القاعدة في الأمر الوجوب، إلا إذا دلَّ دليلٌ على عدم الوجوب.
س: ما حكم قصّ الشعر لتجميله وتزينه؟
ج: إذا قصَّه كله لا بأس، أو حلقه كله لا بأس، أما قصّ بعضٍ وحلق بعضٍ ما يجوز، لكن إما أن يحلقه كله، أو يقصَّه كله.
س: حديث: احلقوه كله، أو دعوه كله، يعني: يشمل القصَّ؟
ج: القصّ كله واحد، إذا قصَّ كله مثل الحلق.
س: القتل العمد فيه العفو؟
ج: نعم، إذا عفوا جزاهم الله خيرًا.
س: شبه العمد فيه القصاص؟
ج: لا، فيه الدية.
س: فقط؟
ج: الخطأ وشبه العمد فيه الدِّية، والعمد المحض هو الذي فيه القصاص.
س: إذا عفا أهلُ القتيل هل لولي الأمر أن يُعزره بالحبس، أو الجلد، أو كذا؟
ج: الظاهر ما له شيء، الحقُّ لهم.
س: ولو كان مُعتادًا من هذا الشيء: اعتداء على الأعراض؟
ج: هذا شيءٌ آخر، على ولي الأمر أن ينظر في المصلحة، إذا كان في شبه .....، والقاعدة أنَّ العفو للورثة، هذه القاعدة.
س: إذا قُتِلَ شخصٌ وهو يُؤدِّي عملَه هل يُعتبر شهيدًا؟ مثلًا: عسكري في مكافحة المُخدرات وقُتِلَ، يُعتبر شهيدًا؟
ج: كل مظلوم شهيد، سواء في عمله، أو ما هو في عمله.
س: بعض أهل القتيل لا يعفو عن القاتل إلا حين تنفيذ القصاص، يقول: أريده أن يرى الموت عدَّة مرات، ولا يعفو إلا حين ينفذ القصاص فيه، هل هذا له وجه؟
ج: له وجه، إذا علَّق عفوه بهذا، قال: حضِّروه، وإذا حضّرتموه للقود أنظر في الأمر، ما في شيء، يقول: حضروه للقود، وبعد ذلك أنا أنظر إذا حضر، أما كوني أعفو فهو بعيد، لا، حتى يرى أنَّ الأمر قرب، قرب الموت، يريد راحة الضَّمير.
س: هل يجوز العمل بالقول الراجح إذا كانت هناك مصلحة؟
ج: على حسب الأدلة في رأي العالم الذي ينظر في القضية، أو يحكم فيها، ما هو بالأهواء.
س: إذا تنازل بعضُ الورثة عن القصاص، ثم تراجعوا؟
ج: إذا تنازل بعضُهم بطل القصاص، وتعينت الدِّية.
س: إذا عفا بعضُ الأولياء، والبعض لم يعفُ؟
ج: إذا عفا بعضُ الأولياء سقط القود؛ لأنَّ الحقَّ لهم جميعًا، فإذا عفا بعضُهم سقط، ووجبت الدِّية.
س: لو تراجعوا في التَّنازل؟
ج: ما أجاب على السؤال.
س: ولو واحد؟
ج: ولو واحد، لو هم عشرة تراجعوا، واحد، أو مئة، وتراجعوا، وعفا واحدٌ؛ سقط.
س: كلهم يأخذون من الدِّية، أو مَن تنازل ما يأخذ شيئًا؟
ج: إن كان تنازل إلى الدية يأخذ، وإن كان تنازل عنه مرةً ما له شيءٌ، تنازل عن الدِّية وعن غيرها، ما له شيء.
س: الباقي يأخذون الدية؟
ج: الباقي يأخذون الدية، نعم.
س: يأخذون مبالغ خيالية، ملايين؟
ج: كلها رخيصة بالنسبة إلى سلامته من القتل، يودُّ أن يُعطيهم الدنيا كلها ولا يُقتل، مَن يلومه، أو يلوم أهله؟! لو كانت له الدنيا لأعطاهم إياها.
س: حديث: ما من رجلٍ أمَّن رجلًا على دمه فقتله فأنا بريءٌ من القاتل، وإن كان المقتولُ كافرًا؟
ج: لا أعرفه.
س: عندي سنده.
ج: عند مَن؟
س: عند الطَّبراني.
ج: أيش يقول؟
س: يقول الطبراني في "المعجم الصغير": حدثنا داود المكي أبو عبدالله في مصر، حدثنا عبدالله ابن أبي بكر العتكي، حدثنا أبي، حدثنا هدية بن المنهال، عن بيان بن بشر أبي بشر، عن رفاعة الثاني: عن عمرو بن الحمق الخُزاعي قال: قال رسولُ الله ﷺ: مَن أمَّن رجلًا على دمه فقتله فأنا بريءٌ من القاتل، وإن كان المقتولُ كافرًا، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد": رواه الطبراني بأسانيد كثيرةٍ، وأحدها رجاله ثقات.
ج: هذا يحتاج إلى تأمُّلٍ؛ لأنَّ الهيثمي قد يتساهل، وعلى كل حالٍ، وعيد شديد، كونه يُؤَمِّنه ثم يقتله -نعوذ بالله- هذا عملٌ قبيحٌ شنيعٌ، يجب القود مع الإثم العظيم -نسأل الله العافية- لكن حتى لو ما صحَّت الأسانيد.