الاهتمام بتربية الأبناء

... وقام بها صاحب الفضيلة الشيخ محمد بن عثمان المنيعي فيما يتعلق بتربية الأولاد، ولقد أجاد وأفاد فيما بين لإخوانه من كون هذه التربية ووجوب العناية بها، وبيان أن الأولاد أمانة يجب أن ترعى، وأن يعتنى بها كما قال سبحانه وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ [المؤمنون:8]، وقد أحسن فيما أوضح، فجزاه الله خيرًا، وبارك فيه، وزادنا وإياكم وإياه علمًا وهدى وتوفيقًا، ونفعنا جميعًا بما سمعنا وعلمنا، ورزقنا العمل لما فيه سعادتنا ونجاتنا ونجاة أولادنا وسعادتهم وصلاحهم.

لقد بين لكم في هذه المحاضرة ما جاء في الكتاب العزيز والسنة المطهرة بشأن التربية، ولقد وعظ الواعظون وذكر المذكرون في هذا المقام وأبدوا وأعادوا، فالواجب على المؤمن أن يعنى بالتنفيذ والعمل، وألا يكون حظه مجرد السماع، الواجب أن يستفيد المؤمن مما يسمع في نفسه، ومما يتعلق بغيره، ويذكر فيما يتعلق بنفسه ويستعين بالله، فيذكر فيما يتعلق بغيره من الولد والزوجة ونحو ذلك هذه هي الفائدة، إما يسمع وإما يقرأ وإما يشاهد أن يعمل بما ينفعه، وأن يتجنب ما يضره، ولا ريب أن العمل بما يعلمه الإنسان من الخير من أسباب رضا الله جل وعلا، ومن أسباب المزيد من العلم، ومن أسباب الهداية والتوفيق، ومن أسباب السعادة العاجلة والآجلة، قال الله : وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ [محمد:17]، والمهتدي المنتفع بما يعلم ويسمع يزيده الله هدى ويزيده الله علمًا، قال بعض السلف رحمهم الله من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم، والعمل دراسة للعلم، دراسة دراسة مستمرة يبقى معها العلم ويبقى معها التذكر والاتعاظ، أما إذا أهمل نسي العلم وسار حسرة عليه؛ لأنه سمع وعلم ثم ضيع ولم يعمل، فلا حول ولا قوة إلا بالله، ولاسيما في هذا العصر الذي كثرت فيه المغريات والمهلكات، وأسباب الشر، وقرناء السوء، ودعاة الباطل، فالواجب أن تكون العناية أكثر، وأن تبذل الجهود في سبيل سلامة الأولاد وصلاحهم بكل عناية وبكل صدق؛ لعل تلك الأسباب تنفع، فإن الشر عظيم، والأسباب تجر إلى الباطل وإلى النار كثيرة، فلا بد من جهاد صادق، ولا بد من صبر ومصابرة وعدم ملل، ولقد سمعتم ما فيه العظة، وما فيه الذكرى لمن يتذكر، والله يقول جل وعلا: فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ [الغاشية:21]، ويقول جل وعلا: وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ [الذاريات:55]، فالمؤمن ينتفع، ويلين قلبه، ويعزم على العمل، ويجاهد نفسه في ذلك، ويستعين بالله في كل شيء.