آداب المفتي

والمفتي يجب أن يعلم أنه بين الناس وبين ربه ، وأن الناس يعتمدون على ما يقول وينسبونه إلى الشرع المطهر، فيجب عليه أن يراقب الله ، وأن يحذر أي تساهل في ذلك، وأن يكون على أخلاق وصفات تؤهله لأن يكون مبلغًا عن الله وموقعا عن الله ، فيكون بعيدًا عما حرم الله، متخلقًا بما شرع الله، ملتزمًا بما أوجب الله عليه، بعيدًا عما حرم الله عليه، فهذا من أعظم الأسباب لتوفيق الله له وهدايته إياه ودلالته إياه على الحق، فإن من استقام على أمر الله واستعان بالله ووقف عند حدوده فإنه سبحانه أولى وأحق جل وعلا بأن يوفق من لجأ إليه واستعان به وضرع إليه وأناب إليه في طلب الحق، وهو المحسن العظيم، وهو الجواد الكريم ، وهو القائل: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186].

فليلجأ إلى الله المفتي والحاكم، وليضرع إليه، وليستقم على ما شرع الله، وليبتعد عما حرم الله عليه، وليقف عند حدود الله حتى يكون قدوة صالحة لغيره، وحتى يطمئن المسلمون إلى فتواه، وحتى يكون لها آثارها الصالحة في سلوكهم وأعمالهم، وهو بذلك أيضًا حري بالتوفيق، وحري بالتسديد لاستقامته وحفاظه لحدود الله وقيامه عليها وبعده عما يغضب الله ، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما يرضيه، وأن يمنحنا جميعًا الفقه في دينه والثبات عليه.