وجوب العناية بالقرآن والحذر من الإعراض عنه

الواجب على أهل الإيمان أن يعنوا بهذا الكتاب العظيم عناية تامة تلاوة وتدبرًا وتعقلًا وعمًلا، سمعتم قوله ﷺ: تعاهدوا هذا القرآن فإنه لأشد تفصيًا من الإبل في عقلها، ويقول: تعاهدوا هذا القرآن فوالذي نفسي بيده إنه لأشد تفلتا من الإبل في عقلها يتعاهد بالقراءة والتلاوة نظرًا وحفظًا، ويتعاهد بالعمل بما فيه حتى يبقى في القلوب يؤثر في القلوب، فإذا أعرض عنه عن قراءته وعن تدبره فهذا دليل على ضعف الإيمان وعدم المبالاة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

فالواجب على المسلمين جميعًا أن يعنوا بكتاب ربهم وسنة نبيهم عليه الصلاة والسلام، فإن السنة تفسر القرآن وتبين معانيه، وتدل عليه، وترشد إلى ما يراد منه، فعلى المسلمين وعلى علمائهم وعلى طلبة العلم وعلى عامة المسلمين أن يعنوا بهذا القرآن، العاقل يبين معناه للناس ويرشدهم ويحثهم ويدعوهم ويرغبهم، وطالب العلم كذلك، فالعامي يسأل ويستفيد، ويعمل ويجتهد في سماع العلم، وحضور حلقات العلم، وندوات العلم، حتى يبلغه العلم، حتى يعلم مراد الله، حتى يتبصر في دينه، يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين أيش معنى هذا الكلام، معناه أن الذي ما أراد به خيرًا لا يفقه في الدين، ومفهوم الكلام هذا أن المعرض الغافل أن الله ما أراد به خيرًا، أما المقبل والمتفقه في الدين الذي يسأل ويحضر ندوات الخير ويتفقه ويتعلم فهذا دليل على أن الله أراد به خيرًا، وأن الله سلك به مسلك الصالحين الأخيار.

فاحذر يا عبد الله من الإعراض والغفلة، إعراض المجرمين وإعراض المنافقين، لا تعرض، عليك بالإقبال عليك بمجالسة الأخيار بحضور ندوات العلم وحضور حلقات العلم بالسؤال والاستفادة والإصغاء لخطبة الجمعة والخطب التي تسمعها وحلقات العلم وندوات العلم، وفي كل مكان تحضر العلم يكون عندك عناية وإصغاء واستفادة حتى تشارك في الخير، وحتى تعمل بما يبلغك من أمر الله ، ويقول النبي ﷺ لما ذكر أمورًا كثيرة قال فيها: والقرآن حجة لك أو عليك، قال: الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السماء والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك.

حجة لك إن عملت به، وعليك إن لم تعمل به لو قرأته بأحسن قراءة وبأحسن تلاوة وبأحسن تجويد ولو فقت أهل زمانك بالتجويد والقراءة وأنت لا تعمل فلا خير فيك، ولا قيمة لك، المهم أن تقرأ وتعمل، فإذا جمعت بين القراءة الحسنة والتفقه والتعاهد والعمل فقت أقرانك، وحصلت على الخير العظيم، والفائدة الكبيرة، تحسين القراءة وتجويدها والإكثار منها خير عظيم وعبادة ولكنها وسيلة لما هو أعظم وهو العمل، ...... العمل فتؤدي فرائض الله، تؤدي فرائض ربك عن إخلاص، وعن رغبة، وعن إيمان، وعن محبة، وعن شوق، وتدع محارم ربك تبتعد عن معاصيه عن تعظيم له جل وعلا ورغبة منك، وعن رجاء ثوابه وخشية عقابه ، هكذا المؤمن مع كتاب الله ومع سنة رسوله عليه الصلاة والسلام.

رزقنا وإياكم الإخلاص، وهدانا وإياكم صراطه المستقيم، وجعلنا وإياكم من أهل هذا الكتاب، من أهله العاملين به، العاملون به هم أهله، وأعاذنا وإياكم من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.