البدع طريق إلى الشرك

ما دام الإيمان قد أكمله الله مادام ديننا قد أكمله الله فما أحدثه الناس هو من الضلالات، يعني في الدين، ما أحدثه الناس مما يتقربون إلى الله ويدعون أنه عبادة لا بد يوزن بالكتاب والسنة، ينظر فيه فإن وجد في القرآن ما يدل عليه أو في السنة وإلا فهو المحدث، فهو البدعة التي يجب تركها، يقول النبي ﷺ: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد، يعني: فهو مردود على محدثه، ويقول ﷺ: من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد، ويقول: إياكم ومحدثات الأمور.

فمن محدثات الأمور ما سمعتم: البناء على القبور، واتخاذ القباب عليها، واتخاذ المساجد عليها، هذه من المحدثات، هذه من وسائل الشرك، كانت قبور المسلمين في عهد النبي ﷺ بارزة تحت الشمس ليس فوقها مساجد ولا قباب ولا أبنية ولا شيء، مثل قبورنا الآن في العود وغير العود ليس فوقها شيء، بينة، مقابر واضحة، كل قبر معروف إذا زاره المسلمون سلموا عليهم ودعوا لهم بالمغفرة، ثم أحدث الرافضة وأشباه الرافضة هذا البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، وفرشها بالفرش العظيمة، وتطييبها، حتى إذا جاءها الجاهل العامي قال: يا فلان أغثني، يا سيدي البدوي يا سيدي الحسين يا زينب يا فلانة يا عبد القادر أغثني انصرني اشف مريضي أنت تعلم ما نحن فيه أنت تعلم حالنا وتفرقنا اجمعنا وانصرنا، جعلوه الله، جعلوه آلهة عبدوه مع الله، نسأل الله العافية، وعدلوا عن دعاء الحي القيوم القادر على كل شيء ، ويزعمون أنهم شفعاء أن هؤلاء الصالحون شفعاء عند الله، يا سبحان الله هذا كلام الجاهلين، هذا كلام الكفار الأولين، يقولون: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، هؤلاء شفعاؤنا عند الله، فأنكر الله عليهم ونهاهم وحذرهم، وبعث الرسل لقتالهم على هذا حتى يدعوه حتى يعبدوا الله وحده وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:23] ما قال المشركون أبو جهل وأشباهه ما قالوا: إنهم ينفعون ويضرون دون الله، ولا قالوا إنهم مستقلون بالتصرف دون الله، لا، هم يعرفون أن الله الخالق الرازق المدبر، ولكن قالوا كما حكى الله عنهم، قالوا: هؤلاء شفعاؤنا عند الله، فرد الله عليهم بقوله: قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [يونس:18]، فأخبر أنه شرك، وأنه جهل وضلال وكذب على الله، وقال في الآية الأخرى: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3] يعني: يقولون: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3]، فرد الله عليهم بقوله: إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ [الزمر:3]، فسماهم كذبة بزعمهم أنها تقربهم إلى الله زلفى، ما تقربهم، وسماهم كفرة بفعلهم هذا بعبادتهم إياها ودعائهم إياها واستغاثتهم بها وطلب المدد منها، تجدهم الآن في بلدان كثيرة إذا مر بالقبر المدد المدد، يقف عنده المدد المدد ......، وينذر لهم القرابين من البقر والغنم والنقود وغير ذلك، يرجون شفاعة هذا الولي، وأنه ينفعهم، وأنه يشفيهم، وأنه يجعل المرأة تحمل، وكل هذا من خرافاتهم وضلالهم، نسأل الله العافية.

والمقصود أن البدع تجر إلى الشرك أعظم من المعاصي، البدع تجر إلى الشرك، الشيطان يحبها أكثر من المعاصي؛ لأنها عدول عن دين الله، وسوء ظن بالله، وسوء ظن بدينه، واعتراض على الله، وقدح في الدين، فالبدع معناها التنقص في الدين، معناها أن الدين ما كمل، معناها أن الدين يحتاج إلى زيادة، هذه البدعة الزيادة، والله أكمل الدين وأتمه، قال تعالى: ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۝ إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا [الجاثية:18-19]، فالله أمر نبيه أن يلزم الشريعة هو بنفسه عليه الصلاة والسلام، ولا يزيد عليها عليه الصلاة والسلام، بل يتبع ما أوحي إليه، وهؤلاء لا عندنا كذا وعندنا كذا، هذه الزيادات نبني على القبور نتخذ عليها المساجد نتخذ عليها القباب نقيم الموالد لفلان وفلان وفلان نمدحه ونثني عليه، ثم جرتهم الموالد إلى الشرك، احتفلوا بالنبي ﷺ أو بالبدوي أو عبد القادر أو زيد أو عمرو أو علي أو الحسين فهذه الاحتفالات ماذا فعلت جرتهم إلى الشرك، صاروا يمدحونه ويثنون عليه، ثم جرهم هذا المدح المباح إلى المدح الزائد الغلو إلى الكفر والضلال مثلما قال النبي ﷺ: لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله رواه البخاري في الصحيح، فجرهم الإطراء والزيادة حتى قالوا: يا رسول الله! انصرنا! اشف مرضانا! اجمع شملنا! إلى غير هذا، فدعوه بما يدعا به الله سبحانه وتعالى، وهكذا قالوا في حق علي والحسن والحسين، وفلان وفلان، والبدوي، والشيخ عبد القادر الجيلاني، وابن عربي، وغيرهم، هكذا يسألونهم ما لا يقدر عليه إلا الله .

فهذه الاحتفالات المبتدعة التي أحدثوها واجتمعوا عليها وأكلوا عليها الطعام واللحوم وغير ذلك وأقاموا عليها الأشعار والمدائح جرتهم إلى الشرك، حتى قال صاحب البردة في بردته:

يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به سواك عند حدوث الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي فضلا وإلا فقل يا زلة القدم
فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علوم اللوح والقلم

يقول: إن كنت يا رسول الله ما أنت بآخذ يدي يوم القيامة فأنا هالك، أما الله منسي ما له ذكر، إن لم تكن يعني: يا رسول الله في معادي آخذا بيدي فضلا، يعني: بفضلك، وإلا فقل يا زلة القدم، ثم يقول: فإن من جودك الدنيا وضرتها، من جود محمد الدنيا كلها وضرتها وهي الآخرة، يعني من جودك الدنيا والآخرة جميعًا، ويش بقي لله، إذا كانت الدنيا والآخرة كلها للنبي فماذا بقي لله، هذا الجهل العظيم، والبلاء الكبير.

ثم قال: ومن علومك علم اللوح والقلم، يعني يعلم ما في اللوح والقلم، يعلم المغيبات كلها، والله يقول سبحانه: قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل:65] ويقول سبحانه: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [لقمان:34]، والنبي لما سأله جبرائيل عن أشراط الساعة قال: في خمس لا يعلمهن إلا الله، ثم قرأ قوله جل وعلا: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ... [لقمان:34] الآية الكريمة.

فالمقصود أن الغلو والإطراء يجر أهله إلى الشرك؛ لأنهم ما يرضون بالمدح الحق حتى يجدوا مدحًا زائدًا مدحًا شركيًا، نسأل الله العافية، فهكذا وقع للغلاة في النبي ﷺ وفي علي وفي الحسين وفي فاطمة وفي ابن عربي وفي ابن بدوي وفي فلان وفلان، جرهم هذا الغلو حتى مدحوهم بالشرك، حتى مدحوهم بأن استغاثوا بهم مع الله، ونذروا لهم، وذبحوا لهم، وزعموا أنهم يعلمون الغيب، ويتصرفون في الكون، وفي الجنة يعطونها من يشاؤون، ويمنعونها من يشاؤون، إلى غير ذلك من البلاوي والمحن التي وقع فيها الغلاة الذين زعموا أنهم اجتمعوا لحب النبي ﷺ بهذه الموالد المحدثة.