أصول الإيمان الستة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا سيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

فقد سمعنا جميعًا هذه الندوة المباركة التي تولاها أصحاب الفضيلة: الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن جبرين، والشيخ محمد بن عبدالله بالخير، والشيخ عبدالعزيز بن إبراهيم العسكر، في موضوع الإيمان بالقدر وأصول الإيمان بالقدر، وما يترتب على ذلك، وما يلزم في ذلك، وقد أجادوا وأفادوا وأوضحوا ما يجب نحو هذه الأصول، فجزاهم الله خيرًا، وضاعف مثوبتهم، وزادنا وإياكم وإياهم علمًا وهدى وتوفيقًا، ونفعنا جميعًا بما سمعنا وعلمنا، وزادنا من العلم النافع والعمل الصالح، وسائر المسلمين الإيمان بالقدر، معلوم أنه من أصول الإيمان، وقد تكلموا على أصول الإيمان الستة، وأوضحوا ما يجب نحو هذه الأصول، وقد أبانها ربنا عز وجل في كتابه الكريم في مواضع من كتابه، وسمعتم قوله تعالى: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ [البقرة:177]، فهذه الأصول الخمسة من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين جمعها في هذه الآية سبحانه وتعالى وذكر القدر في مواضع أخرى في قوله جل وعلا: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر:49]، ومثل قوله سبحانه: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الحديد:22]، وفي قوله سبحانه: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الحج:70]، فالإيمان بهذه الأصول أمر لا بد منه، وقد أوضحه النبي ﷺ في حديث جبرائيل لما سأل عن الإيمان والإسلام والإحسان فقال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره، وفي لفظ أبي هريرة: تؤمن بالله وملائكته وكتابه ولقائه ورسله والبعث الآخر وتؤمن بالقدر، فالإيمان بالقدر والإيمان بهذه الأصول كلها لا بد منه ولا إسلام إلا به.