وسمعتم في الندوة الأسباب التي تسبب الفراق، وتسبب الطلاق في هذا العصر، وأنها كثيرة، وأنه ينبغي للمؤمن أن يحذرها، ولا شك أن الشرع المطهر جاء بالدعوة إلى كل خير، وبالتحذير عن كل شر، فما فشا بين الناس اليوم من تبرج النساء في الأسواق وظهورهن في الأسواق لا شك أن هذا يسبب مشاكل كثيرة، وإذا رأى الإنسان من هي أحسن من امرأته وأجمل منها زهد فيها، ونقصت في عينه، وكان هذا من أسباب الطلاق، كذلك ما يوجد في الأفلام الخبيثة هو أيضًا من هذا الباب، فإنه قد يوجد فيها من النساء شبه عاريات، ومن النساء الخبيثات ما تزهد المسكين وضعيف النظر في أهله، وإن كانت زوجته من الأخيار ومن الصالحين، لكن يرى منظرًا يزهده في تلك المرأة، وكثير من الرجال لا ينظرون إلا إلى الصورة، لا يهمه التقوى والإيمان والأخلاق، ولهذا إذا رأى صورة أحسن من صورة امرأته في الطريق في الأسواق في الفيديو في التلفاز في أي مكان صار هذا من الأسباب في زهده في زوجته، وكراهته لها، وفي تخليه عنها، وتطليقه لها.
ومن حكمة الشارع فالشارع حكيم في كل شيء، الله جل وعلا إنما يمنع من أشياء ويحرمها لحكمها، وإنما يأمر بها لحكمة، فكل شرع الله مبني على الحكم، إن الله حكيم عليم ، إن الله كان عليمًا حكيمًا، فمن رحمته أن حرم السفور وأمر بالحجاب، فإن السفور مضرته عظيمة، فإن الرجل يخرج إلى الأسواق ويمشي بين الناس فإذا رأى النساء غير متحجبات فتن بهن، وتعلق قلبه بكثير منهن، وزهد في أهله الذين عنده، فصار في هذا من الفساد ما الله به عليم، فمن رحمة الله أن شرع الحجاب، وأمر بالحجاب، وأوجب الحجاب قال تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53]، وقال : وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ [النور:31] الآية، فيه خير كثير وفيه مصالح جمة ولكن أصحاب الشهوات وأصحاب الهوى يشق عليهم هذا الحجاب، ويدعون إلى نبذه، ويوافقهم على هذا كثير من النساء لضعف بصيرتهن وقلة بصيرتهن.
فالمقصود أن الحجاب فيه مصالح جمة وخير كثير، وهكذا كل شيء شرعه الله لنا في فيه خير كثير وفيه حكمة بالغة، ولكن أكثر الخلق ليسوا يعقلون ذلك، ولهذا يطالبون أو يسعون أو يفعلون ما يضرهم ويسبب المشاكل عليهم والضرر عليهم والعواقب الوخيمة، ومن ذلك ما يدعوا إليه دعاة السفور وأصحاب الهوى الذين يريدون أن يتمتعوا بالنساء في الأسواق وفي كل مكان، وهذا من الشر الذي لا يحصي مدى شره وخطره إلا الله ، فالواجب على المؤمنين وعلى المسلمين وعلى كل داع إلى الإصلاح أن يعنى بتثبيت الحجاب، والحث على الحجاب، والتحذير من سفور النساء في الأسواق أو في التلفاز أو فيما يتعلق بالفيديو أو في غير ذلك، ولا شك أن التلفاز والفيديو قد حصل بهما شر كثير على الناس، فالواجب على الدولة وفقها الله وعلى رجال الدولة وعلى كل من يتولى هذه الأمور أن يحرص كل الحرص على منع خروج النساء في التلفاز وفي غيره، وعلى القضاء على هذا الفيديو الخبيث أعظم قضاء وأكمل قضاء، حتى ينتهي الناس من شره، وحتى يسلموا من بلائه وضره، نسأل الله أن يوفق الحكومة لهذا الخير، وأن يعينها على كل خير.