عظم منزلة الصلاة في الإسلام

أن يتبرأ من عبادة غير الله كائنًا من كان، وأن يخص الله بالعبادة وحده، وأن يؤمن ويعتقد أنه سبحانه هو المعبود الحق، وما عبد من دونه فهو باطل،  كما قال في سورة الحج: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ [الحج:62]، وفي سورة لقمان: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ [لقمان:30] وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:23]، إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]، وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة:5] الآيات، هذا الأساس العظيم هو أصل دين الإسلام، وهو أول شيء يدخل به العبد في دين الله في الإسلام، ثم يلي هذه الشهادة أن محمدًا رسول الله، هاتان الشهادتان هما أصل الدين، لا تغني إحداهما عن الأخرى بعد بعث محمد ﷺ لا بد منهما، فلا إسلام إلا بتوحيد الله، ولا إسلام إلا بالإيمان أن محمدًا رسول الله عليه الصلاة والسلام.

 فلو أن إنسانًا يصوم النهار ويقوم الليل ويعبد  الله بكل عبادات ولكنه لم يؤمن بمحمد ﷺ بعدما بعثه الله يكون كافرًا من أكفر الناس عند جميع أهل العلم، ولو شهد أن محمدًا رسول الله وصدقه وعمل كل شيء إلا أنه يشرك بالله يعبد مع الله غيره من ملك أو نبي أو صنم أو شجر أو حجر أو جني أو كوكب صار كافرًا ضالًا، ولو قال: إن محمدًا رسول الله، فلا بد من الإيمان بهما جميعًا، لا بد من توحيد الله، والإخلاص له، ولا بد من الإيمان بأن محمدًا رسول الله بعثه الله إلى الثقلين إلى الجن والإنس، كان الرسل الماضون يعبث كل واحد إلى قومه لكن نبينا محمد عليه الصلاة والسلام بعثه الله إلى الناس كافة، إلى العرب والعجم إلى الجن والإنس إلى الذكور والإناث إلى الأغنياء والفقراء إلى الحكام والمحكومين كلهم داخلون في رسالته عليه الصلاة والسلام، فمن أجاب هذه الدعوة التي جاء بها وانقاد لها وآمن بها دخل الجنة، ومن استكبر دخل النار، قال تعالى: وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ [هود:17]، وقال عليه الصلاة والسلام: والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي أو نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار، وقال عليه الصلاة والسلام: كان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة، ويقول الله : قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا [الأعراف:158]، وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا [سبأ:28]، وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107] عليه الصلاة والسلام.

ثم بعد هاتين الشهادتين أمر الصلاة، هي التي تلي هاتين الشهادتين، هي الركن الأعظم بعد هذين الشهادتين، إقام الصلاة من حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، في مسند أحمد، روى الإمام أحمد في مسنده بإسناد جيد عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي ﷺ أنه ذكر الصلاة يومًا بين أصحابه فقال: من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف.

قال بعض الأئمة في هذا: إنما يحشر من أضاع الصلاة مع هؤلاء الصناديد من الكفر مع هؤلاء الأشقياء فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف؛ لأنه شابههم، والإنسان مع من شابه احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ [الصافات:22]، يعني أشباههم ونظراءهم، فمن كانت علته الرياسة حتى ترك الصلاة حشر مع فرعون؛ لأن فرعون حمله ما هو فيه من الملك على التكبر وعدم إجابة موسى عليه الصلاة والسلام فصار من الأشقياء الذين باءوا بالخسارة وصاروا إلى النار أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ [غافر:46]، ومن حملته وظيفته ووزارته على التخلف عن الصلاة صار شبيهًا بهامان وزير فرعون، فيحشر معه يوم القيامة، نعوذ بالله، فإن تركها من أجل المال والشهوات والنعم شابه قارون الذي أعطاه الله المال العظيم فاستكبر وطغى حتى خسف الله به الأرض وبداره، فيكون شبيهًا به، يحشر معه يوم القيامة، أما إن شغله عن الصلاة وعن حق الله شغله عن ذلك البيع والشراء والمعاملات والمكاسب الدنيوية فإنه شبيهًا بأبي بن خلف تاجر أهل مكة، فيحشر معه إلى النار، نسأل الله العافية من الكفرة.