حفظ الجوارح من الوقوع في محارم الله

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخليله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيله، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

أيها الإخوة في الله: لقد سمعنا جميعًا هذه الندوة المباركة المتعلقة بحفظ الجوارح عن محارم الله وصيانتها، وقد تولاها صاحب الفضيلة: الشيخ محمد رأفت سعيد، والدكتور أحمد عبد الرحمن الشريف، ولقد أجادا وأفادا وأحسنا وبينا ما ينبغي بيانه في هذا المقام، فجزاهما الله خيًرا، وضاعف مثوبتاهما، وزادنا وإياكم وإياهما علمًا وهدى وتوفيقًا.

لا ريب أن ما تكلم عليه الشيخان من أمر الجوارح أمر مهم وخطير، وواجب على كل مسلم أن يعنى به، وأن يستفيد مما سمع، فإن المؤمن من شأنه أن يستفيد مما يستمع من الخير، وقد الله : فَبَشِّرْ عِبَادِ ۝ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ [الزمر:17-18]، فالمؤمن من شأنه أني يستمع للخير ويتبع الأحسن، وليس من شأنه الغفلة والإعراض والصدود، بل ذاك من شأن أولياء الشيطان، أما أولياء الرحمن فإنهم يستمعون القول النافع ويعونه ويفرحون به وينفذون ويجاهدون، والجوارح لا شك أنها خطيرة، ولاسيما السمع والبصر واللسان والقلب، فإن هذه الأربع لا شك أن لها خطرها العظيم، واللسان والسمع والبصر طرق ووسائل للقلب وإلى القلب، فالسمع يوصل ما يسمع إلى القلب، وكذلك البصر يصل ما يشاهده إلى القلب، وهكذا اللسان ينطق ويتكلم بما في القلب، فهي أمور لها تعلق بالقلب إيصالًا وإخراجًا.