وقد سمعتم في كلام المشايخ الحديث الصحيح يقول ﷺ: من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر، قال بعض أهل العلم: صلاته ما تصح بالكلية في البيت إلا من عذر، وقال الآخرون: تصح لكن مع الإثم، والحديث الآخر يقول ﷺ لابن أم مكتوم وهو أعمي يقول: يا رسول الله إنه ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد وأنا شاسع الدار، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ معنى شاسع الدار ما عنده قائد يلائمه يحضر دائمًا عنده، يقول: هل لي من رخصة فأصلي في بيتي؟ فقال له النبي ﷺ: هل تسمع النداء بالصلاة، قال: نعم، قال: فأجب، وفي اللفظ الآخر قال: لا أجد لك رخصة، فإذا كان أعمى بعيد الدار ليس له قائد يحافظ عليه ليس له رخصة فكيف بالصحيح الذي عافاه الله، كيف بالصحيح المعافى الذي يتخلف الأمر عظيم.
وسمعتم ما ذكره المشايخ أيضًا من حديث ابن مسعود الذي رواه مسلم في الصحيح يقول : "من سره أن يلقى الله غدًا مسلمًا فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيه سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم"، وفي لفظ: "لكفرتم"، لا حول ولا قوة إلا بالله، "ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها يعني الصلاة في الجماعة إلا منافق معلوم النفاق، أو مريض، لقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين" يعني يساعد بين الرجلين "حتى يقف في الصف" في عهد النبي ﷺ والصحابة يحب الصلاة في الجماعة يسابق يعضدون له حتى يدخل في الصف من حرصه على الجماعة، وهو معذور، فقوله: "من سره أن يلقى الله غدًا مسلمًا فليحافظ على هذه الصلوات الخمس حيث ينادى بهن" هذا يشعر بأن عدم المحافظة عليها من أسباب أنه لا يلقى الله مسلمًا، فالتخلف عنها كلام ابن مسعود وابن مسعود هذا من علماء الصحابة من كبار علماء الصحابة، يقول: "من سره أن يلقى الله غدًا" يعني يوم القيامة "مسلمًا فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهن" هذا يدلنا على أنه يريد أن الذي لا يحافظ عليها لا يلقى الله مسلمًا، وأن التخلف عنها من أسباب سوء الخاتمة، وأنه لا يلقى ربه مسلمًا، بل يلقاه كافرًا كالمنافقين نعوذ بالله، فالأمر عظيم والخطر جسيم، فعليك يا عبد الله أن تتقي الله، وألا تتعلل بالعلل الباطلة، بادر إذا سمعت النداء المؤذن، من ينادي حي على الصلاة ينادي من في القبور؟ ينادي أنتم، حي على الصلاة حي على الفلاح ينادي الحاضرين الأحياء، يناديكم في بيوتكم في دكاكينكم، وفي مزارعكم، ينادي حي على الصلاة، يعني: أقبلوا عليها، احضروا، حي على الفلاح احضروا إلى الفوز والسعادة، يبين أن الصلاة فلاح وظفر وسعادة لمن حضرها، فهو يناديكم ويدعوكم إلى الحضور إليها؛ لأن فيها الفلاح، فيها السعادة، فيها الخير لمن أقبل عليها صادقًا.
ولا أحب أن أطيل عليكم، فقد أقام الأخوان الشيخان بما فيه الكفاية، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم بالاكتفاء بما سمعنا وبما علمنا، الوصية الانتفاع، خير الكلام ما قل ودل، فالمؤمن ينتفع بالقليل الصادق الطيب، ولكن المنافق والمعرض والغافل ما ينفعه القليل ولا الكثير، نسأل الله العافية إلا من هداه الله، إلا من أراد الله هدايته فعليكم بقبول الفائدة، والحرص على التنفيذ، والعمل بما تسمعون، فإن هذا من أسباب الهداية يقول الله جل وعلا: فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ [الزمر:17-18]، الذي يستمع القول فيتبع أحسنه هذا هو الموفق هذا هو المهدي، والذي يستمع القول فيعرض ولا يبالي فهذه علامة الشقاء والهلاك وعلامة الدبور عليه -نسأل الله العافية- وعدم التوفيق، نسأل الله لنا ولكم الهداية، وصلاح القلب والعمل.