بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيله، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد سمعنا جميعًا هذه المحاضرة القيمة المباركة، التي تولى إلقاءها وتقديمها للمستمعين صاحب الفضيلة الشيخ: محمد لطف الصباغ، جزاه الله خيرًا، وضاعف مثوبته، وزادنا وإياكم وإياه علمًا وهدى وتوفيقًا، وسلك بنا جميعًا صراطه المستقيم، لقد أجاد وأفاد وأوضح الكثير مما يتعلق بموضوع المحاضرة، وهو السفر إلى بلاد المشركين، وهو موضوع كما سمعتم خطير مشتمل على أنواع من البلاء، وقد سمعتم الكلمات التي نقلها فضيلته عن العلامة أبي بكر العربي المالكي الأندلسي في تقسيم السفر إلى بلاد الشرك، بين سفر الهرب وسفر الطلب، وأنواع تلك الأقسام، وسمعتم أيضًا ما نقله عن الإمام الجليل العلامة شيخ الإسلام أبي العباس أحمد بن تيمية رحمة الله عليه في هذا الباب، وسمعتم أيضًا ما نقله عن العلامة أيضًا الشيخ سليمان بن عبدالله ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليهم فيما يتعلق في السفر إلى بلاد المشركين والإقامة بين أظهرهم، وما في ذلك من الأخطار، وما يلزم ذلك من الشروط التي لا بد من توافرها في المسافر، وإلا كان سفره حرامًا لما يفضي إليه من الأخطار الكثيرة والعواقب الوخيمة.
كل هذا سمعتموه بحمد الله، فجزاه الله خيرًا، وسمعتم أنواعًا من التفصيل، وأنواعًا من الشرور في السفر إلى بلاد الشرك، وسمعتم ما يقع فيه المسافرون إلا من رحم الله من البلاء الكبير في العقيدة والأخلاق، فبعضهم يذهب دينه بالكلية ويكون نصرانيًا أو شيوعيًا ملحدًا أو إباحيًا لا يعرف ربًا ولا إلهًا وإنما يعرف شهواته البهيمية شهوة فرجه وبطنه، وبعضهم يحار ويبقى شاكًا في دينه حائرًا فيما عليه المسلمون وفيما عليه الكافرون، وبعضهم لا يبقى معه من الدين إلا اسمه، قد وقع في أنواع الشرور من الزنا وشرب الخمور واللواط والقمار وغير هذا من أنواع الفساد، وقد كتبت هذه الأيام نصيحة في هذا الباب نشرت في الصحف المحلية وأظنها أذيعت ولعل بعضكم سمعها، والمقصود هو التحذير من السفر إلى بلاد المشركين؛ لأن الغالب اليوم على الشباب في أسفارهم هو الخطر، وهو أيضًا في الأغلب ليس لقصد صالح، وإنما لقصد التمتع بالشهوات والاجتماع بالمومسات وشرب المسكرات ولعب القمار وتعاطي اللواط وغير هذا من أنواع الشرور.