علاقة العرافة والكهانة بالسحر

وهناك أمور ذكر الشيخان بعضها قد تلحق بالسحر من جانب، وقد لا تلحق من السحر من جانب، ذكرها الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتاب التوحيد في باب بيان شيء من أنواع السحر، سمعتم الشيخ صالح الأطرم ذكرها من الخط ومن العيافة ومن العرافة والكهانة وأشياء أخرى يفعلونها لها تعلق بالسحر من جانب، ولها تعلق بالشعوذة ودعوى علم الغيب من جانب آخر، ولهذا ذكرها الشيخ لما فيها من الشعوذة، ولما فيها أيضًا من دعوى علم الغيب من بعضهم، فتشبه السحر من جهة الإفساد ومن جهة ما قد يدعيه بعضهم من علم الغيب، ولا تشبهه من جهة أخرى لأنها ليست من جنس السحر فيما يتعاطاه السحرة، ومنها النميمة، فإنها تفسد أيضًا وهي ليست من السحر في الحقيقة، ولكنها تشبهه من جهة أنها تفسد، ولهذا في الحديث يقول النبي ﷺ: ألا أنبئكم ما العضة؟ هي النميمة القالة بين الناس، النميمة هي الفاشية بين الناس يقال: عضة إذا كذب وإذا بهت وإذا نم وإذا سحر، يقال له: عضة، ويقال لعمله: العضة، فهي تفسد شيئًا كثيرًا وتشبه السحر من بعض الوجوه من جهة الفساد والضرر على الناس، حتى قال بعض السلف وهو يحيى بن أبي كثير يفسد النمام والكذاب في الساعة الواحدة أكثر مما يفسده الساحر في سنة، فالكذب شره عظيم، والنميمة فسادها كم من فتنة وحروب قامت بين القبائل والدول بسبب النميمة وبسبب الكذب والعياذ بالله، فالكذب والنميمة لهما آثار خطيرة وسيئة، وقد يترتب عليهما فتن تدوم سنين، نسأل الله العافية والسلامة.

فالكاهن والذي له رئي من الجن أو صاحب من الجن يخبره ببعض المغيبات ويشبه اليوم بما يسمى بصاحب الزار له صاحب من الجن يقول له: يقع كذا، ويقع كذا، ويصير كذا من بعض الأشياء، ويسمون في الجاهلية كهنة، ويقال له: رئي من الجن يعني صاحب وقرين يخبره، فهؤلاء لهم شبهة بالسحرة من جهة ما قد يقع منهم من دعوى علم الغيب وبعض الأخبار، ولا يشبهون من جهة أنهم قد لا يقع بينهم فساد بين الناس، وإنما دعوى علم الغيب فقط أنه سيقع كذا وسيكون كذا من دون أن يفعلوا شيئًا يضر الناس إلا بمجرد الأخبار، ولهذا الكاهن إذا كان يدعي علم الغيب يستتاب فإن تاب وإلا قتل؛ لأن دعوى علم الغيب كفر أكبر وردة عن الإسلام، نعوذ بالله، فإذا ادعى علم الغيب وجب قتله، يستتاب فإن تاب وإلا قتل، ويجب أن يعتنى بهم، وأن يحرص عليهم حتى يبادوا من الأرض، حتى يمنعوا، يقضى عليهم.

 وهكذا العرافون الذين يدعون بعض المعرفة فينظر في أمرهم فإن ادعوا أشياء واضحة بأدلة واضحة كالآثار التي يرونها آثار السيارات آثار المطية آثار الفرس هذا علم معروف، أما إذا ادعوا ذلك بأشياء خفية فإنهم يلحقون بالكهنة ويمنعون ويؤدبون، ولاسيما إذا عرف منهم أنهم يدعون علم الغيب بذلك، فإذا عرف منهم ذلك ألحقوا بالكهنة واستتيبوا فإن تابوا وإلا قتلوا مع التعزير والتأديب الرادع حتى لا يدخلوا بين الناس.

وهكذا أصحاب الخط أصحاب الخط...... ما عندهم  شيء في الخط، إنما هو كذب، ويتلبسون بهذا ويخدمون الجن بذلك، ويأخذون أشياء من الجن، ويبلغون بعض الناس عن أشياء مغيبة ويزعمون أنهم عرفوها بالخط، وهو كذب ليس بالخط، ولكنه بالجن ...... الشياطين، فهؤلاء وأشباههم من المشعوذين والملبسين يجب أن يعالجوا من جهة العلماء والحكام والقضاة حتى لا يكثر وجودهم، وحتى يقضى عليهم في البلاد الإسلامية بالقتل والأدب والسجن والتعزيرات الرادعة التي تمنع أمثالهم من ظهورهم بين الناس، ومن لم يتب وظهر شره وفساده وجب قتله، ومن ادعى علم الغيب ولم يتب وجب قتله، فإن علم الغيب إلى الله، فمن ادعاه فهو كافر ناقض للإسلام، نسأل الله العافية قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل:65].

فالواجب على علماء المسلمين وعلى حكام المسلمين أن ينشروا بين الناس أحكام هذه الأمور، وأن يعاقب من تساهل بشيء من ذلك من هؤلاء حتى يقل وجودهم، وتقدم أنهم متى وجدوا مرتعًا من الجهل وقلة المبالاة كثروا، ومتى ظهر العلم وظهرت التقوى وحاربهم الناس وعرف ولاة الأمور أمرهم وعاقبوهم قلوا، نسأل الله العافية والسلامة.

نسأل الله أن يكفينا شرهم، وأن يصلح أحوال المسلمين، وأن يمنحنا وإياكم الفقه في الدين، وأن يجزي الشيخين عن ندوتهما، وعن تذكيرهما، وعن ما بلغا أحسن الجزاء، وأن يوفقنا جميعًا لما يرضيه، إنه سميع قريب، وعليكم أنتم أن تبلغوا أيضًا ما تقدم غير مرة الواجب على كل مسلم سمع فائدة وعلمها وتحققها أن يبلغ في بلاده، وفي مجتمعه، وفي أهله حتى يكون الناس على علم بهذه الأمور، وحتى ينتشر العلم، ولهذا كان عليه الصلاة والسلام إذا خطب الناس وذكرهم يقول: فليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع، ويقول: بلغوا عني ولو آية، فالواجب على من سمع من العلم الفائدة التي عقلها وفهمها أن يبلغها وليحذر أن يبلغ ما لم يعقل وما لم يفهم، بعض الناس قد يبلغوا أشياء يغلطوا فيها فيكون كاذبًا ومضرًا بمن بلغ عنه وفي المبلغين، فلا يجوز له التبليغ إلا عن علم، وعن تحقق مما سمع، وعن بصيرة حتى يبلغ كما سمع، وكما علم، من دون زيادة ومن دون نقص، وإلا فليمسك حتى لا يكذب على من بلغ عنه، وحتى لا يضره غيره، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه.