بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.
فقد سمعنا جميعًا هذه الندوة المباركة الطيبة المتعلقة بوسائل الإعلام وخطرها ونفعها التي تولاها أصحاب الفضيلة: الدكتور سيد محمد ساداتي، والدكتور سعيد بن زعير، والدكتور عبد القادر راشد جزاهم الله خيرًا، وضاعف مثوبتهم، ولقد أجادوا وأفادوا وبينوا ما ينبغي بيانه، زادنا الله وإياكم وإياهم علمًا وهدى وتوفيقًا، ونفعنا جميعًا بما سمعنا وعلمنا، وبارك في هذه الندوة، ونفع بها المسلمين.
لا شك أن وسائل الإعلام جديرة بالعناية، وجديرة بالدراسة بعد الدراسة، وجديرة بالإصلاح والتنقية من الدولة -وفقها الله-، ومن المسؤولين في الإعلام، ومن العلماء، ومن كل من يهتم بالإصلاح، ويعنى بالإصلاح، ويريد الإصلاح لما ذكره أصحاب الفضيلة في ندوتهم من دخولها في كل بيت، وإقبال الناس عليها ذكورًا وإناثًا، وشيبًا وشبابًا، ولما يعتمده أعداؤنا في إدخال الضرر على المسلمين من طريق هذه الوسائل، ولما يقصدون من نشر مبادئهم الباطلة وأخلاقهم الذميمة وأعمالهم الضارة بالمجتمع في دينه ودنياه، فما أولى المسؤولين بأن يعنوا بهذه الوسائل، وأن يعطوها من الجهود والدراسة، وتشكيل اللجان، وإيجاد أنواع من الإصلاح، حتى تكون أدوات إصلاح وأدوات توجيه إلى الخير، وأدوات نشر لمن وقع في هوة الرذيلة إلى منزلة الإصلاح، وإلى شاطئ السلامة والنجاة، ولا سبيل إلى ذلك إلا بإيجاد من يقوم بهذه المهمات من العلماء واللجان المتخصصة والشركات الباذلة حتى يحصل من ذلك ما يغطي حاجة هذه الوسائل، ويحصل بذلك النفع للمسلمين بدلًا مما يقع فيها من أنواع الضلال والشر والفساد، ولا مفر من هذا الأمر لأن هذه الوسائل لا بد أن تعمل، ولا بد أن تنشر بين الناس وتبث بين الناس ما وصل إليها ولو كان فيه ما فيه من الشر عند عدم وجود ما يكون بدلًا منه، وأضرها الوسائل المرئية؛ لأنه يراها الصغير والكبير والذكر والأنثى والمستقيم والمنحرف والصالح والطالح إلى غير ذلك، وهي تدخل في بيوتهم وفي مجالسهم وفي غرف نومهم وفي كل مكان، فهي أولى الوسائل، وأهم الوسائل بالإصلاح، ثم الوسائل المسموعة، ثم الوسائل المقروءة، كلها جديرة بالعناية، بل يجب ويتحتم أن يعتنى بها، وأن تصلح وأن يفرغ لها المتخصصون من أهل الخير والفضل، وأن يبذل في هذا الأموال حتى يحصل من ذلك ما يكفي، وهذا يكون بصفة مستمرة لكون هذه الوسائل مستمرة.
ومن العلاج أيضًا النظر في الموظفين المتولين لهذه الوسائل، فيقرب منهم من يصلح ويبعد منهم من لا يصلح، هكذا يجب على الدول الإسلامية بصفة عامة وعلى هذه البلاد بصفة خاصة؛ لأنها قدوة المسلمين، وحكومة الحرمين الشريفين، فهي أولى الدول وأحقها بالإصلاح والعناية، وإن كانت بحمد الله قد أخذت نصيبًا طيبًا من الإصلاح لكن الأمر يحتاج إلى أوسع من ذلك وإلى أكثر من ذلك، وكل مسؤول عليه نصيبه من الجهاد وبذل الجهود في هذا السبيل، ولا ينبغي لأي مسؤول أن يحقر نفسه عن المشاركة في الخير وبذل النصح والحرص على عمل ما يستطيع من توجيه وإصلاح وتشجيع على الخير.
ومن وسائل الإصلاح وتخفيف الشر اختصار الوقت في وسائل البث في أوقات البث حتى يحصل من ذلك توفير لأوقات الراحة والنوم وللمذاكرة للدروس ومراجعتها ولأصحاب البيوت في حاجة بيوتهم إلى غير ذلك، فإن اختصار الأوقات والعناية بتخفيف الأوقات وتقليلها مما يعين على إيجاد البرامج الصالحة وتقليل أو عدم البرامج الضارة، وكلما طال الوقت واتسع الوقت زادت الحاجة إلى البرامج، وربما لا يوجد ما يسد الحاجة فتقع الكارثة في إيجاد البرامج الضارة.
وهذه الندوة التي حصلت هذه الليلة سوف ترفع إلى الجهات المسؤولة، وسوف يطلب من المسؤولين دراستها والعناية بها، والاستفادة منها، ونسأل الله أن يوفق جميع المسؤولين في هذه البلاد وفي غيرها لما فيه صلاح الأمة وسعادة المسلمين ونجاتهم، وأن يعيذ المسلمين جميعًا من شرور أنفسهم ومن سيئات أعمالهم، وأن يصلح لحكومتنا الباطنة، ويعينها على كل خير، وأن يوفق جميع حكام المسلمين لما فيه رضاه، وأن يصلح لهم البطانة، وأن يعينهم على كل خير، وأن يعيذهم من بطانة السوء، ومن دعاة الضلالة إنه جل وعلا جواد كريم، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.