الأمور التي تذكر باليوم الآخر

ومجالس العلم والعظة والتذكير هي مجالس الآخرة، هي المجالس التي تحفزك على الإعداد ليوم معادك، اليوم تحتاج فيه إلى مثاقيل الذر من الإيمان والعمل الصالح، سمعتم الآية وهي من أجمع الآيات يقول جل وعلا: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ [الزلزلة:7]، ويش هي الذرة، ويش هي الذرة وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [الزلزلة:8]، ويقول: اتقوا النار ولو بشق تمرة، يقول ﷺ: ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه يعني يوم القيامة في اليوم الآخر ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، يعني كلام بلا واسطة، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر عن شماله فلا يرى إلا ما قدم، يعني من خير وشر، وينظر تلقاء وجهه فلا يرى إلا النار، فاتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة شق التمرة شيء يسير، لكن المقصود أن الإنسان يقدم ما استطاع ولو شق تمرة، فهو يجده يوم القيامة، شق تمرة يزن مثاقيل الذر مثاقيل كثيرة.

وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءتني امرأة ومعها ابنتان تسأل تشحذ، فلم أجد في بيتي إلا تمرة واحدة، فقدمت التمرة للأم فشقتها الأم بين البنتين نصفين، ولم تأخذ شيئًا، وفي لفظ آخر لمسلم قالت: لم أجد إلا ثلاث تمرات، فأعطيتها الأم، فأعطت كل واحدة من البنتين تمرة، وأخذت تمرة لتأكلها، الثالثة، فاستطعمتها البنتان التمرة الثالثة، فشقتها بينهما ولم تأكل شيئًا، قالت عائشة: فأعجبني أمرها، فلما جاء النبي ﷺ أخبرته بها بذلك، فقال: إن الله قد أوجب لها بذلك الجنة، يعني بهذه الرحمة أمر عظيم، ثم قال: من يلي من هذه البنات شيئًا فأحسن إليهن كن له سترًا من النار، هذا يبين لنا أن القليل إذا صدر عن خوف من الله وعن رحمة وعن محبة وعن إخلاص نفع ولو قليل، وهذا معنى اتقوا النار ولو بشق تمرة، يقول في هذا الحديث: إن الله أوجب لها بها الجنة هذه الرحمة التمرة الثالثة شقتها بينهما نصفين، وفي اللفظ الأول ما في إلا واحدة شقتها بينهما نصفين فهذه رحمة الوالدة لأولادها، والله أرحم بالناس، أرحم بالمؤمنين من أمهاتهم .