ضرورة إعداد العدة للآخرة والاستزادة من الخيرات

فعليك يا عبدالله أن تعد العدة لآخرتك، وأن تحذر التساهل الذي يضرك في العاجل والآجل، وعليك أيضًا أن تكثر من سؤال الله، والضراعة إليه أن يصلح قلبك وعملك، وأن ثبتك على الإيمان، وأن يعيذك من أسباب الزيغ والهلاك، وعليك أيضًا أن تحرص على تدبر كتاب الله، والإكثار من قراءة كتاب الله، وسماع سنة نبيك عليه الصلاة والسلام، وحضور مجالس العلم وحلقات العلم، فإن فيها الخير العظيم، والفائدة الكبيرة، يقول ﷺ: إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قيل: يا رسول الله! وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر.

وفي الحديث الصحيح أنه كان جالسًا عليه الصلاة والسلام ذات يوم في المسجد مع أصحابه في حلقه من أصحابه يذكرهم في مسجده عليه الصلاة والسلام فدخل ثلاثة من الناس وهو جالس في الحلقة عليه الصلاة والسلام، فجاءه واحد فوجد فرجة في الحلقة فجلس فيها، والثاني جلس خلف الحلقة، والثالث أعرض خرج من المسجد، فلما فرغ من حديثه عليه الصلاة والسلام قال: ألا أنبئكم بشأن الثلاثة؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: أما أحدهم فأوى فآواه الله الذي دخل في الحلقة، وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه، فالأمر عظيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ويقول ﷺ: من يرد الله خيرًا يفقهه في الدين، ويقول ﷺ: من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة، فأنتم في حاجة شديدة في هذا العصر وفي كل عصر، ولكن في هذا العصر بسبب المشاغل الكثيرة وبسبب الخلطة بالحابل والنابل بالغث والسمين بالكافر والعاصي كل واحد منا في حاجة إلى أن يحرص على أن يتدبر كتاب الله، فنعم الجليس القرآن، نعم الصاحب ونعم الجليس ونعم الرفيق، هذا الكتاب العظيم يكون معك دائمًا حريصًا عليه في سيارتك وفي أسفارك تقرأ وتدبر، وإن كنت حافظًا له قرأت من حفظك، وتأملت كتاب ربك وتعقلته، كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [ص:29].