عاقبة من كذب باليوم الآخر

فجدير بالعاقل أن يعد العدة لهذا اليوم، ولما كفر أكثر الناس بهذا اليوم لم يعدوا له، فخسروا الدنيا والآخرة، نعوذ بالله من ذلك، وإنما جرأ الأكثرين على ما فعلوا من الكفر بالله والظلم لعباده عدم إيمانه بالله واليوم الآخر، فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة أن يعنوا بهذا اليوم عناية المصدقين ..، أن يعنوا به عناية كاملة وذلك بالإعداد بأداء الفرائض، والاستقامة على الخير، والحذر من المحارم، والوقوف عند حدود الله، حتى يكون من الناجين يوم القيامة، حتى يكون ممن يعطى كتابه بيمينه، حتى يكون ممن يثقل ميزان حسناته، حتى يكون ممن يؤذن له في دخول الجنة.

ويوم القيامة يوم عظيم الأهوال، شديد الأهوال، يجمع فيه الناس يوم القيامة فيسمعهم الله الصوت النداء، وينفذهم البصر سبحانه وتعالى، ولا ينفع في ذلك اليوم إلا ما قدمه العبد من عمل صالح وتقوى لله برحمة الله وفضله وعفوه ورحمته جل وعلا، ومن فرط في هذه الدار ندم ذلك اليوم، فاليوم يوم العمل يوم الزراعة يوم الاجتهاد، والآخرة يوم الحصاد يوم الجزاء فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ۝ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [الزلزلة:7-8]، ويقول سبحانه: وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا [الكهف:49] لا يغادر، يعني: لا يترك، وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [الكهف:49] ، ويقول سبحانه: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ [آل عمران:30]، فالله يحذر العباد نفسه، يحذرهم مقته وغضبه، يحذرهم جزاءه -يوم القيامة- على ما فرطوا فيه وأضاعوا.