وما سمعتم عن البنوك وما فيها من الشر العظيم والفساد الكبير والربا المتنوع كله واقع، وكثير من الناس تساهل بالربا لضعف الإيمان وقلة الوازع الإيماني والوازع السلطاني، ولهذا اجترأ الكثير من الناس على الربا غير مبالين في تحريمه وخطره، وإنما يهمهم قضاء حاجاتهم وتحقيق رغباتهم بأي طريق من حلال أو حرام، وهذه مصيبة عظيمة قد وقع فيها كثير من الناس ما بين جاهل وهو القليل وما بين متعمد وهم الكثير لضعف الإيمان وقلة المبالاة، وقد سمعتم من الإخوان من المشايخ بحمد الله ما فيه الخير والبركة في التحذير من المعاملات الربوية، وأن هذا القرض الذي يتعاطونه يسمونه الودائع ويسمونه القرض بفائدة كله في الحقيقة ربا سموها بغير اسمها، وتغيير الأسماء لا يغير الأحكام، فإذا أودع وديعة فهو قرض جعل عنده مئة ألف بفائدة خمسة في المئة، أو عشرة في المئة فهو قرض، وإن سماه وديعة وليس بوديعة، بل البنك يتصرف ويعمل ويأخذ ويعطي ويعطيه الفائدة التي تقررت بينهم خمسة في المئة أو عشرة في المئة أو أكثر أو أقل، كله ربا ولو واحد في المئة ولو واحد ونصف، الواجب أن يكون مثلًا بمثل سواء بسواء يدًا بيد لا زيادة في الجنس ولا نسيئة، وهؤلاء كل معاملاتهم بالنسيئة والفضلة جميعًا، فجمعوا بين أنواع الربا: ربا الفضل، وربا النسيئة، والربا المتعلق بالقرض، وهو ملحق بربا الفضل وربا النسيئة جميعًا، قد اجتمع في القرض ونحوه أنواع الربا: ربا الفضل؛ لأن هذا بهذا أكثر، وربا النسيئة؛ لأنه إلى أجل، فاجتمع فيه نوعا الربا: ربا الفضل، وربا النسيئة، فإذا أعطاه مئة بمئة وخمسة إلى أجل فقد اجتمع في ذلك الربا بنوعيه: ربا الفضل وربا النسيئة جميعًا، ولا يجوز للمؤمن أن يتساهل في هذا الأمر، سواء مع البنك، أو مع غير البنك، أو مع التاجر، أو مع الصعلوك، الربا محرم مع التاجر ومع البنك ومع الصعلوك.
الإثنين ٠٧ / جمادى الآخرة / ١٤٤٦