وأما ضدها هي أسباب الهلاك وهي صفات الهالكين كما قال في الآية الأخرى: الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ [التوبة:67-68]، وقال في الكفار أيضًا: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [الأعراف:179]، هذه حال الكافرين الغفلة والإعراض عن الله ، وقال في صفاتهم أيضًا: وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ [الأحقاف:3]، ليس عندهم عناية ولا إقبال ولا اهتمام بما فيه نجاتهم ولا بما جاءت به رسلهم، بل هم في إعراض وغفلة.
وقال أيضًا جل وعلا في صفات أهل الهلاك: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ [الكهف:57]، هذه حال الهالكين.
وقال عز وجل في صفات المنافقين: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ [النساء:142-143]، وصفهم بخمس صفات: المخادعة لله، وفي سورة البقرة: يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا [البقرة:9]، المخادعة لله ولأولياء الله بالمكر وإظهار الإسلام وإبطان الكفر، وإظهار النصح وإبطان الخيانة والغش، هذه حال المنافقين في الباطن كفرة خونة أهل غش وخيانة وعناية واهتمام بكل ما يضر المسلمين وبكل ما يعين عدوهم عليهم وفي الظاهر مع المسلمين .
وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى [النساء:142]، ليس عندهم احتساب وليس عندهم اهتمام لأمر الصلاة لعدم إيمانهم لتكذيبهم وكفرهم وضلالهم.
يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء:142]، يعني أعمالهم رياء يخشون أن يقال: إنهم كفار، يخشون أن يحرموا من الغنائم، يخشون أن يحرموا من بيت المال، يخشون أن يقتلوا إلى غير ذلك.
مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ [النساء:143]، مع غفلتهم وقلة ذكرهم ومع خداعهم وكسلهم عن الصلوات مع ذلك هم مذبذبون ليس لهم قدم ثابتة، بل هم مع الكفار تارة ومع المؤمنين تارة، مع من رأوا فيه المصلحة، فهمهم الدنيا وسلامة أنفسهم، فهم من رأوا أنه هو المنتصر وأن سلامتهم ....... إليهم فإن رأوا أن المسلمين لهم الغلبة والنصرة صاروا إليهم وأظهروا الموافقة والنشاط في الإسلام، وإذا رأوا أعداء الله قد ظهروا وأصاب المسلمين شيء من الهزيمة أو شيء من الخلل مالوا إلى أعداء الله الكفار، وصاروا معهم ضد المسلمين.
والمقصود من هذا التحذير من هذه الصفات المقصود من هذا كله أن ربنا يحذرنا من صفاتهم وأخلاقهم، وألا نكون متشبهين بهم لا في المخادعة والمكر والخيانات، ولا في التكاسل عن الصلوات، ولا في الرياء والسمعة، ولا في الغفلة عن ذكر الله، وفي الذبذبة، وعدم الثبات على الحق.