الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم فرائض الإسلام

فالوصية -أيها الإخوة في الله- تقوى الله عز وجل، الوصية تقوى الله فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صلاحه عظيم وفائدته كبيرة، وهو من أهم فرائض الإسلام، ومن أعظمها حتى قال الله فيه جل وعلا: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ[التوبة:71]، فجعله من صفاتهم العظيمة، ومن صفاتهم الواجبة، من كمال إيمانهم الواجب أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وقدمه على الصلاة والزكاة قدم الأمر والنهي على الصلاة والزكاة لعظم فائدته وعمومها، وهكذا في الآية الأخرى قدم الأمر على الإيمان، والإيمان أصل أساس ومع هذا قدمه على النهي عليه لعظم فائدته وللانتفاع به في قوله سبحانه: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ[آل عمران:110]، فقدم هذا على هذا قدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن  الإيمان، والإيمان أعظم وهو الأساس، ولكن لما كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نفعه عظيم وأثره كبير وهو يتعلق بصلاح الغير قدم ليعلم الناس عظم الأمر، وأنه خطير، وأنه لا بد منه، فقدم على الإيمان في هذه الآية، وقدم في آية براءة أيضًا على الصلاة والزكاة، ولا يقولن أحد: هذا على غيري، هذا له حسبة، هذا له كذا، هذا غلط، هذا يوده الشيطان، وهو التكاتل، فهذه مصيبة إذا الناس تكاتلوا على غيرهم سادت الفوضى، وساد الشر والبلاء، وضعف الأمر والنهي، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فلا بد أن كل واحد يستشعر أنه مسؤول، وأن عليه واجبًا، فليتق الله وليسارع إلى الخير حسب طاقته، وليتباعد عن الشر حسب طاقته، وليسأل ربه العون والتوفيق، وإذا أوذي في ذلك أو أصابه شيء يضره في ذلك أو يكدر عليه صوفه فلا ييأس ولا يحزن، وليعلم أنه في سبيل الله، وأن الرسل قبله أصابهم ذلك وهم أفضل الناس، والأخيار قبله أصابهم ذلك وهم أفضل الناس بعد الرسل، فله فيهم أسوة إذا أصابه شيء يكدره أو يؤذيه في هذا السبيل العظيم والخير الكثير، ولو من أولاده أو غير أولاده، ليصبر وليحتسب، وليتق الله، وليأخذ بهذا الوصف العظيم والخير الكثير، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن بالحكمة كما سمعتم، بالحكمة والرفق كما قال الله جل وعلا في حق نبيه محمد ﷺ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ يعني بسبب رحمة من الله لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159]، وقال في حق موسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون: فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى [طه:44]، وقال سبحانه في الدعوة: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125]، والأمر بالمعروف والنهي عن  المنكر من الدعوة، فهو دعوة عظيمة معها اجتهاد في إزالة المنكر، واجتهاد في إقامة المعروف، إلا من ظلم وتعدى فيعامل بما يستحق كما قال سبحانه: وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ[العنكبوت:46]، وأهل الكتاب هم الكفرة هم اليهود والنصارى نهانا أن نجادلهم إلا بالتي هي أحسن وهم كفار فكيف بالمؤمنين! لكن إذا ظلموا تعدوا فعلى ولي الأمر أن يعاقبهم، وأن يجازيهم بما يستحقون على ظلمهم وتعديهم لما دعوا إلى الله ولما أمروا بالمعروف ولما نهوا عن المنكر.

أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يوفقنا وإياكم لما يرضيه.