بيان ما يلزم على جميع أهل الأرض تجاه دين الإسلام

فجميع أهل الأرض من جن وإنس وعرب وعجم يلزمهم جميعًا أن يدخلوا في دين الله الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام، وهو دين الإسلام، ومن أبى وبقي على دينه القديم من اليهودية أو النصرانية أو بوذية أو مجوسية أو وثنية أو غير ذلك فهو من الكفرة الضالين ومأواه جهنم وبئس المصير، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي أو نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار، وهذا أمر معلوم قال جل وعلا: وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ[هود:17]، فمن يكفر بمحمد أو بالقرآن من أي حزب فالنار موعده، فالواجب على جميع أهل الأرض من المكلفين الدخول في دين الله الذي هو دين الإسلام، والانقياد لشريعة محمد عليه الصلاة والسلام وتصديقه، وأن يسيروا خلفه، وأن يعتقدوا أنه إمام مصدق، وأنه النبي العظيم والرسول الصادق إلى جميع أهل الأرض، وأنه خاتم الأنبياء ليس بعده نبي عليه الصلاة والسلام، لا بد من هذا في حق جميع أهل الأرض المكلفين، فإذا كان هذا أمرًا معلومًا قد أجمع عليه علماء الإسلام، ودلت عليه الدلائل القطعية أن محمدًا ﷺ هو رسول الله حقًا، وأنه مرسل إلى جميع المكلفين من العرب والعجم والجن والإنس، وأن الواجب اتباعه، وأن دين الإسلام الذي هو دين المرسلين هو دينه لا يجوز لأحد أن يخرج عنه، بل يجب أن يؤمن بهذا الدين، وأن ينضم إليه، وأن يتبع محمدًا عليه الصلاة والسلام في ذلك هذا هو الحق، وهذا هو دين الإسلام الذي بعث الله به الرسل جميعًا، وأنزل به الكتاب من توراة وإنجيل وزبور وقرآن وغيرها من الكتب التي أنزلها على المرسلين كلها تدعو للإسلام، وكلها تأمر بالتمسك بالإسلام، فينبغي أن نعلم هذا جيدًا، فإنه يوجد في بعض الكتابات في بعض المقالات ما قد يوهم أن اليهود على دين حق، وأن النصارى على دين وأن أديانهم محترمة، وهذا أمر باطل، فليسوا على دين حق، بل على دين باطل، وهكذا جميع الأديان الأخرى كلها أديان باطلة، وإنما الدين الحق الذي من سلكه واستقام عليه فاز بالجنة والكرامة هو دين الإسلام فقط، هو دين الإسلام الذي أوله وأساسه وأصله شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله مع الإيمان بالله ورسله جميعًا والإيمان بما أنزل عليهم، والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله، ثم ما يلي ذلك من حقوق الإسلام من صلاة وزكاة وصوم وحج وغير ذلك، هذا هو دين الله وهو دين الإسلام، وهو دين الهدى والبر والتقوى، وهو الذي فيه السعادة الأبدية لأهل الأرض إذا استقاموا عليه وآمنوا به وحافظوا عليه.

فالذين يريدون السفر إلى بلاد المشركين معناه أنهم يعرضون أنفسهم للخروج عن هذا الدين، وأن يصيروا مع أولئك الضالين من يهود، أو نصارى، أو وثنيين، أو ملاحدة مجرمين -لا يعرفون ربًا ولا إلهًا-، أو إباحيين لا يعرفون إلهًا إلا شهواتهم من إشباع الفروج وإشباع البطون ولا يهمهم سوى ذلك، هذه حال كثير من الناس إباحي كل شيء عنده مباح ليس له هم في هذه الدنيا إلا أن يشبع فرجه بالزنا والنساء البغايا، أو يشبع بطنه مما حل وحرم من هذه الدنيا ومن هذه الشهوات، ولهذا سمعتم في المحاضرة ودل كتاب الله على المعنى أن السفر إليهم يفضي إلى موالاتهم، يفضي إلى محبتهم، يفضي إلى استحسان أوضاعهم، يفضي إلى الخروج من الإسلام والدخول في دينهم، يفضي إلى تنقص المسلمين وذمهم وعيبهم وأنهم ليسوا على شيء، وأن المشركين هم الذين صاروا إلى الرقي العظيم والتقدم الملموس في هذه الدنيا، فيبهرهم بريق تلك الأشياء التي تقدم فيها أولئك من صناعات غريبة وطائرات ومركبات فضائية وغير هذا من الصناعات الجديدة التي تبهر عقول الكثير من الناس حتى يضيع دينه ويضيع أخلاقه، وإنما هي متاع قليل يزول ويزول أهله.

والخلاصة أن المحاضرة عظيمة وقيمة، وأن السفر إلى بلاد المشركين أمر محرم ليس لأحد السفر إلى بلاد المشركين لا لطلب العلم ولا لغير ذلك، بل يجب سد الباب وإيصاد الباب في جهة السفر إلى بلاد المشركين، وأن يمنع الشباب والشابات من السفر إلى بلاد المشركين ولو قالوا: إنهم بسبب التعلم، وأنهم يضعفون هنا وليس لهم نشاط في التعلم ويريدون أن يتعلموا هناك لوجود من ينشطهم بزعمهم أو يصدهم عن أهاليهم حتى ينشطوا للطلب وحتى يتفرغوا للطلب، أو غير هذا من المبررات الفاسدة، والخطر في ذهاب النساء أكثر وأعظم، فالخطر في ذهاب النساء للتعلم هناك أخطر وأشد، فالحاصل أنه لا يجوز السفر إلى بلاد المشركين لا للطالب ولا للطالبة، ولا لأي غرض من الأغراض إلا لضرورة يقيد الأمر بقدرها، وسمعتم الاستثناءات التي ذكرها، فيجب فيما يتعلق بالسفر إلى بلاد المشركين يجب أن يراعى في ذلك أمور وشروط حتى لا يقع المسافر فريسة لأهل الشرك، وحتى لا يفتن في دينه، وحتى لا يضل عن دينه.