الحج وارتباطه بالشكر

ثم شرع لك بعد ذلك الحج، ولما كان الحج له شأن عظيم وفيه مشاق كثيرة ويلزم منه السفر من الأقطار البعيدة وفي الأيام الشديدة لم يفرضه الله سبحانه إلا مرة في العمر، فهو الحكيم العليم جل وعلا لم يفرض هذا العمل الكريم إلا مرة في العمر مع الاستطاعة وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97]، وقال فيه ﷺ: الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، فهذا العمل العظيم والخلق الكريم لا يجب عليك غير مرة في العمر، ولكن متى كررته وكررت العمرة فلك أجر عظيم، قال عليه الصلاة والسلام: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.

وهذا الحج وهذه العمرة خلق عظيم يتبعه مصالح وأعمال وعبادات عظيمة في مصلحتك، ففي الحج تلتقي  بإخوانك المسلمين، وتعرف كثيرًا من أحوالهم، وترى فيهم الغني والفقير والدميم والجميل والعالم والجاهل، وترى غير ذلك، وتعرف من ذلك نعمًا عظيمة أنعم الله به عليك، تعرف فضلك على كثير من الناس قد ....... الله الذي أعطاك وهداك وأنعم عليك ولم يجعلك من جنس فلان أو فلان الذي شاهدته في الحج وفي غيره، ترى لك فضلًا عظيمًا، أعطاك الله علمًا وأعطاك خلقًا حسنًا وأعطاك مالًا إلى غير هذا مما أعطاك، وأعطاك فضلًا في العبادة ومحبة لله ولعباده وأوليائه، وترى من الناس من هو بضد ذلك، ترى العجب العجاب، ترى صنوف الناس في كل شيء قد اختلفوا، فتحمد الله على ما أعطاك من الخير، وتزداد علمًا، وتزداد عملًا صالحًا، وتزداد توجها إلى الله وطاعة له ومسارعة إلى مراضيه ترجو ثوابه وتخشى عقابه، وترى العجب العجاب في عادات الناس وفي أخلاقهم وفي عقولهم وفي لغاتهم وفي ألوانهم وفي أنواع حركاتهم وسكناتهم، ثم تقف معهم في موقف واحد يوم عرفة بين يدي الله، موقفًا عظيمًا يذكر بيوم القيامة، يذكر بالوقوف بين يدي الله يوم القيامة، في لباس واحد أو متقارب، في ضاحية صحراء تحت السماء كل يناجي ربه يرجو عتقه من النار يرجو المغفرة والإحسان، كل جاء من هنا ومن هنا يرجو ربه ويرجو فضله وإحسان، فهو موقف عظيم وخلق عظيم شرعه الله للعباد ليتبصروا ويستفيدوا من حجهم، ويشهدوا منافع لهم في هذا الحج العظيم، من إخلاص لله، وطاعة له، وتعظيم لأمره ونهيه، ومعرفة لأحوال عباده، ومشاركة لهم في طاعة الله والتقرب لديه والقيام بين يديه ، والمشاركة لهم في الذكر والطواف ورمي الجمار وأنواع العبادات والطاعات.

هذه أعظم الأخلاق، وأهمها في الإسلام من توحيد الله، والإخلاص له، وطاعة الرسول ﷺ، والإيمان به، واتباع ما جاء به، وإقامة الصلوات، وأداء الزكوات، وصيام رمضان مع ما تيسر من الصيام المتطوع به، والصدقات المتطوع بها، وصلاة النافلة، مع حج بيت الله الحرام، وما فيه من الخير العظيم، والمنافع العظيمة.