القدوة الحسنة وأثرها في صلاح الأولاد

ومن أعظم الأمور وأهمها في صلاح أولادك أن تعنى بهم من الصغر كما أمر النبي ﷺ، أن تأمر بالصلاة وهم أبناء سبع وأن تضربهم عليها وهم أبناء عشر، ذكورًا وإناثًا، فإذا نشأوا على طاعة الله وعلى الصلاة هذا من أسباب نجاتهم وسعادتهم، إذا نشأوا على هذا الخير وهذا سبب عظيم في صلاحهم ونجاتهم، واحذر أن يراك أولادك على معصية الله، فإنهم يتأسون بك، ويخشى عليك أن يكون عليك مثل آثامهم، لو أمرتهم أن يصلوا وأنت لا تصلي كيف تكون الحال؟ فالغالب أنهم لا يسمعون لقولك، ويتأسون بأفعالك القبيحة، وإذا رأوك لا تصلي وأنت جالس في البيت فإنك في الغالب لا تقول لهم صلوا، ولو قلت لهم: صلوا، ما صلوا إلا ما شاء الله، كما يرونك متساهلًا متكاسلًا متقاعسًا لا تأمر بالصلاة أو لا تصلي في المسجد مع الناس مع الجماعة فاتق الله ليتأسوا بك ....... سارع إلى الصلاة وخذهم معك؛ حتى يسارعوا، واحذر معصية الله التي يشاهدونها منك، وهكذا إذا رأوك تشرب الخمر تتعاطى الدخان تتعاطى المعاصي في بيتك وهم يشاهدون فإنهم في الغالب يتأسون بك ويخشى عليك مثل آثامهم، نعوذ بالله، يرونك لا تصلي يرونك تتعاطى المسكرات يرونك تتقاعس عما أوجب الله، يرونك سبابًا لعانًا كذابًا فيتأسون بك في هذه المعاصي والشرور، اتق الله واحذر، وإذا كنت لا بد من معصية فافعلها خفية بينك وبين الله، ولعل الله يتوب عليك بعد ذلك، أما أن تفعلها وهم يشاهدون والزوجة تشاهد وخدامك يشاهدون فهذه هي المصيبة العظيمة -نعوذ بالله-، يقول النبي ﷺ: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، يعني إلا المجاهر بالمعصية فليس من أهل العافية، نعوذ بالله.

ومن الإجهار أن يفعل العبد المعصية فيبيت يستره الله، فإذا أصبح قال فعلت كذا وفعلت كذا، وقد بات يستره الله، ثم أصبح يفضح نفسه، زنيت بفلانة، شربت الخمر مع فلان، فعلت كذا، أتيت القمار، فعلت كيت وكيت، فقد بات في ستر، ثم أصبح ينشر هذه المعصية ويبينها ويفضح نفسه ويذكرها عند أولاده وأهل بيته، هذا من دعاة النار -نعوذ بالله من دعاة النار- بأفعاله وأقواله لأولاده وغيرهم، نسأل الله العافية.

فالواجب الحذر وأن يتبع القول العمل، أن يكون قولًا وعملًا في هذا وغيره فيما يتعلق بالأولاد وفي غير الأولاد، فإنما هي أيام وليالي ثم تنتهي، ولا تدري متى يهجم الأجل، كم خارج من بيته لم يرجع؟! وكم راكب للسيارة لم ينزل منها إلا جنازة ميتة؟! وأنتم تشاهدون هذه الحوادث صباح ومساء، فالواجب على المؤمن أن يحذر، وأن يعد العدة للقاء ربه، ولا يقل: إذا شبت وإذا بلغت الستين أو السبعين أمكن أني أرجع وأتوب، فمن لك أن تبلغ هذا المبلغ؟ ومن لك أن تتوب؟ ومن لك أن تعيش؟ فقد يحال بينك وبين التوبة بأسباب إصرارك على المعاصي، قد لا تفوق لها، قد يحال بينك وبينها بأسباب عصيانك وإصرارك، وقد يهجم عليك الأجل وأنت على غرة لا توبة ولا .......، قد يهجم الموت وأنت على غرة مغرور بدنياك وشهواتك وصحتك ونشاطك، فالواجب الحذر، الواجب تقوى الله والتواصي بحق الله أينما كنا، والواجب أن نعنى بالأولاد، وأن نسأل الله لهم الهداية والتوفيق، وأن نساعدهم على الخير والهدى.

وهكذا غير الأولاد الزوجة وأهل البيت جميعًا والجيران والأصحاب كلهم يجب أن يناصحوا ويوجهوا إلى الخير، يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ويقول: خير الجيران خيرهم لجاره، وخير الأصحاب خيرهم لصاحبه، فأنت مسؤول عن أولادك وعن جيرانك وعن إخوانك المسلمين، هل أديت حق الله؟ هل نصحت لهم؟ هل أمرتهم بالمعروف؟ هل نهيتهم عن منكر؟ فعليك أن تعنى بهذا الأمر، وأن تكون أداة خير ومعوانًا على الخير، وداعي هدى، واحذر أن تكون بالعكس، ولا حول ولا قوة إلا بالله، رزق الله الجميع التوفيق والهداية.