ضرورة تكاتف الجميع لنشر الخير والقضاء على أسباب الفرقة والشر

وما أشار إليه فضيلة الشيخ محمد الراوي مما يجب على العلماء حق، وما أشار إليه الشيخ محمد الدريعي مما يجب على ولاة الأمور وعلى أعيان الناس وعلى كافة المجتمع حق أيضًا، كلاهما قال: حقًا، فعلى العلماء أن يظهروا ما لديهم، وقد وجد بحمد الله من ذلك الشيء الكثير، فكم من كلمات لا تحصى، ومقامات لا تحصى، ودعوة للحق والهدى، وعلى الحكام أينما كانوا ممن ينتسبوا إلى الإسلام أن ينصروا الحق، وأن يؤيدوا الحق، وأن يدعوا إليه، فالعالم وحده لا يستطيع أن يقوم بالمطلوب إلا بالله ثم بولاة الأمور، فالعلماء عليهم أن ينبهوا وأن يوجهوا وأن يطالبوا بإقامة الحق، وعلى ولاة الأمور وعلى أعيان الناس أن يقوموا بواجبهم أيضًا، فعلى الحاكم وولي الأمر أن ينفذ حكم الله، وعلى أعيان المسلمين أن يعينوا ويساعدوا ويساهموا .......، وعلى العلماء دائمًا أن يراقبوا الواقع، وأن يأمروا بالخير، وينهوا عن الشر، وينبهوا ولاة الأمور على الأخطار، ويدعوهم إلى أسباب السلامة، ومتى تنازع المسلمون واختلفوا وجب أن يحكم بينهم شرع الله، ووجب عليهم أن يرجعوا إلى دين الله، لكن إذا كان أولئك الذين تنازعوا لا يذعنون بشرع الله، فلا يبقى عندئذ إلا القوة الرادعة، وَإِنْ طَائِفَتَانِ [الحجرات:9] الآية.

المقصود أن الواجب على الحكام وعلى الأعيان وعلى العلماء جميعًا أن يحكموا بحكم الله، وأن يلتزموا بأمر الله، وأن يتعاونوا على البر والتقوى، ولا تتم المصلحة، ولا يحصل المطلوب إلا بالله، ثم بتعاون الجميع، وتكاتف الجميع، فالعالم يبين ويدعو، والحاكم القادر وولي الأمر ينفذ حتى تحصل المصلحة، وحتى يحصل ردع الظالم ونصر المظلوم، وإيقاف الباغي عند حده، ونشر أمر الله بين عباد الله، فإذا كان الحاكم لا يرضى ذلك ولا يدعو إلى ذلك ولا ....... ذلك، فهذه هي المصيبة العظمى أن ينتسب إلى الإسلام ولكنه لا يؤيد الإسلام، ولا ينصر الإسلام، ولا يقيم تعاليمه وزنًا، ولا يقيم الحدود، ولا يردع الباغي، فالخطر حينئذ جاء من جهة الحكام، ومن جهة عدم تنفيذ أمر الله لمن قدر على ذلك.

وعند سكوت العالم ........ يأتي الخطر من جانبه إذا سكت عن الحق ولم يبينه للحاكم الطالب الحق ولم ينصحه ولم يوجهه إلى الخير حتى تبرأ الذمة، فالتعاون لا بد منه، والإخوة الإسلامية لا بد منها؛ لأن حقيقتها التعاون على البر والتقوى، والتكاتف لإقامة الحق، ولإسكات الباطل، وللقضاء على أسباب الشر، ولإظهار الخير، والتكاتف على الأخذ به، والدعوة إليه، وإلزام من خرج عن إطار الحق إلى الرجوع إليه، فالأحكام تحتاج إلى دعوة، وإلى قوة، تحتاج إلى دعوة من أهل العلم والمصلحين، وتحتاج إلى قوة من الحكام، وردع الظالم ونصر المظلوم، وإقامة الحق، وجمع المسلمين على الهدى والسعادة، وعلى ما فيه عزهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة.

والعلماء اليوم الذين يقال لهم: علماء العارفون بالله وبشرع الله ليسوا بالكثير، أما مدعو العلم والذين يقال لهم: علماء، فهم لا يحصون كثرة في كل مكان، لكن علماء الحق علماء الهدى علماء السنة والجماعة بالنسبة إلى العالم الإسلامي اليوم في سائر الدنيا قليلون، كما قال النبي ﷺ: بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء نحن في عصر الغربة منذ زمان طويل، نحن في عصر الغربة، فدعاة الحق وأنصار الحق وعلماء السنة في كل دولة وفي كل مكان ليسوا بالكثير، أما علماء الخرافة علماء القبور علماء الصوفية علماء الدعوة إلى الشرك علماء الدعوة إلى البدع هؤلاء كثيرون، لكن علماء الحق الدعاة إلى نصر الدين إلى توحيد الله والإخلاص له إلى ردع البدع إلى إقامة كتاب الله في أرض الله وشرع الله في أرض الله ........ مأمورون بهذا الأمر مأمورون بما يتعلق ....... العلماء المعروفين بالحق والهدى.

فالتشاور والتعاون في أحوال المسلمين وتقديم ما يجب على المسلمين وما ينبغي لهم أن يتكاتفوا عليه، ونسأل الله أن يتم هذا الأمر، وأن يحصل عن قريب، فالجهود مبذولة، والإعداد له حاصل، ونسأل الله أن يتمه عن قريب، وأن ينفع به المسلمين، وأن ....... علماء الحق على الهدى، وأن يكثرهم ويبصرهم بالدين، ويجعلهم من دعاة الهدى، وأنصار الحق، وأن يوفق حكام المسلمين ولاسيما حكام هذه البلاد لكل ما فيه عز الإسلام والمسلمين، ولكل ما فيه نصر الحق، والقضاء على الباطل.