الذكر والعبادة هو الغاية من خلق الإنسان

والواجب على المؤمن أن يعمر هذا البدن، هذا البدن لماذا خلق؟ لم يخلق للأكل والشرب، ولم يخلق للعب، خلق ليعبد ربه ويستعين بنعم الله على طاعة الله، أنت في هذه الدار عارية، ليست دارك هذه الدار، دارك أمامك إن استقمت فالجنة، وإن أبيت فالنار، ما هناك دار أخرى، أما هذه الدار ما هي دارك هذه مزرعة مزرعة، وأنت فيها مسافر، ولا بد للمسافر من الرحيل، ما هناك مسافر ما يرحل .......، لا بد من رحيل، وهذه الدار ليست دار إقامة، وليست دار خلد، وليست دار نعيم، ولكنها دار الأكدار والأحزان، دار العمل، دار الزراعة، الملوك والرؤساء أولًا ثم من بعدهم من الملوك والخلفاء هم أرفع الناس في الدنيا، ومع هذا ماتوا لم يبقوا في الدنيا، الرسل أعز الناس وأشرف الناس انتقلوا، فلو أحد يسلم لسلم الرسل، وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ [الأنبياء:34]، كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ [آل عمران:185]، الموت لا بد منه، والملوك عندهم من الدنيا وعندهم من النعم ومع ذلك هم أكثر الناس أكدارًا وأحزانًا وأخطارًا، ثم بعد ذلك الموت.

المقصود أن هذه ليست دار نعيم، وليست دار خلد، وليست دار إقامة، ولكنها دار ضعن، دار انتقال، هذا البدن خلق ليعبد ربه، ثم لينتقل، وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]، وجاءت الرسل تذكرك بهذا الحق وتدعوك إليه وتنبهك، وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل:36]، وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ [النساء:64]، فهم أرسلوا للدعوة وليطاعوا حتى يستقيم المكلفون على ما جاءت به الرسل من طاعة الله وترك معاصيه والوقوف عند حدوده، ثم ينقلون بعد ذلك إلى دار أخرى، كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ۝ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ [الرحمن:26-27]، فهي زائلة ومنتقلة، وأنتم تشاهدون الموت في كل لحظة، مات الآباء والأسلاف، ومات الرسل ومات الكبار والعظماء، ولم يبق إلا البقية القليلة، مر أكثر الدنيا، فينبغي للعاقل أن ينتبه، وأن يشغل نفسه بطاعة الله وذكره.