التقاعس عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

وسمعتم ما قد يتعلق به ويتشبث به بعض الناس، ويقول: إذا اهتديت في نفسي فلا علي، سمعتم ما ذكر الله في ذلك، وما قاله الخليفة الراشد أبو بكر الصديق ، أفضل الصحابة وخيرهم، وأفضل الناس بعد الأنبياء- في قوله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [المائدة:105]، قد يظن بعض الجاهلين قد يظن بعض الناس لتأويل وقلة بصيرة قد يظن أن هذه الآية تجعل الناس في سعة من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنه إذا اهتدى في نفسه فليس عليه أن يأمر وينهى، قد يقع هذا في ظن بعض الناس، وقد يتأول هذا بعض الناس كما قاله الصديق يقول - لما خطب الناس-: "أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها في غير موضعها" يعني قد يضعها بعضهم في غير موضعها، ثم قرأها يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ [المائدة:105]، وإني سمعت النبي عليه الصلاة والسلام يقول: إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه، هذا يدل على أن من الهداية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن العبد لا يكون مهتديًا الهداية الكاملة حتى يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.

فمعنى: إِذَا اهْتَدَيْتُمْ يعني إذا قمتم بالواجب الذي عليكم الذي به تحصل الهداية توحيد الله وأداء حقه من صلاة وصوم وزكاة وغير ذلك، ومن جملة ذلك القيام بما أوجب الله من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا قام المؤمن قام العبد بما أوجب الله عليه وترك ما حرم الله عليه صار مهتديًا هداية كاملة، ومن ذلك أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، فإذا أخل بشيء من الواجبات صار الإيمان ناقصًا، وصارت الهداية ناقصة، فلا تتم له أسباب النجاة ولا تتم له السلامة من الوعيد، فالواجب اليقظة والانتباه والحذر من التأويلات التي تضر العبد ولا تنفعه، وهكذا الحذر من طاعة النفس والهوى، فإن الهوى خطره عظيم، والنفس أمارة بالسوء إلا من رحم الله، فقد يملي الشيطان والهوى على الإنسان ما يجعله يتقاعس ويتكاسل عن القيام بالواجب بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى ولو مع أولاده، وهذه من المصائب العظيمة.