المرتبة الأولى العلم

... أولها علمه بالأشياء كلها، فهو العالم بكل ما يقع في الوجود في أمر الدنيا والآخرة، ولولا ذلك لكان جاهلًا بما يقع في العالم، وهو سبحانه منزه عن الجهل، وهو العالم بكل شيء ، قال جل وعلا: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا [الطلاق:12]، وقال : أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [البقرة:231]، وهو يعلم كل شيء جل وعلا لا تخفى عليه خافية لا في هذه الدنيا ولا في الآخرة، وضد العلم الجهل وهو منزه عن الجهل ، وإنما الجهل من أوصاف خلقه يجهلون الكثير ويعلمون القليل، قال سبحانه: وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء:85]، ولو لم يكن في القدر إلا هذه المرتبة لكان ذاك كافيًا شافيًا في معرفة فضل هذا الإيمان، وفائدة هذا الإيمان، وما يترتب عليه من إحاطة الله لكل شيء، وعلمه بكل شيء سبحانه وتعالى، وأنه لا يقع في ملكه ما لا يعلم ولا يريد، بل لا يقع في ملكه إلا ما قد علمه سبحانه ومضى به قدره ومضت به مشيئته، ولو وقع على خلاف ما علم لكان العلم جهلا والله يتنزه عن ذلك، فلا تقع الأمور إلا عن صدق ما علم ، تقع الأمور كما علمها في هذه الدار، وفي الدار الأخرى تقع الأمور كما علمه، من علمه شقيًا كان كذلك، من علمه تقيًا مؤمنا سعيدًا كان كذلك، من علمه في سابق علمه أنه يولد له كان كذلك، من علم أنه لا يولد له كان كذلك، ومن علم أنه يولد له ذكور حصل ذلك، ومن علم أنه يولد له إناث حصل ذلك، وهكذا من علم أنه يعيش غنيًا كان كذلك، ومن علم أنه يعيش فقيرًا كان كذلك، وهكذا من علم أنه من أهل الجنة كان كذلك، ومن علم أنه من أهل النار كان كذلك، وكل له عمله وفعله كما شاء الله وقدر .