الاهتمام بالدعوة إلى الله

والواجب على المسلمين أيضًا أن يدعوهم إلى الله لما وجدوا بينهم أن يدعوهم إلى الله وأن يرشدوهم ويعلموهم، وقد وقع بعض هذا من جهة الدعاة ومن جهة أهل العلم، قد وقع بعض هذا وهدى الله جمًا غفيرًا من هؤلاء الذين قدموا لهذه المملكة، هدى الله جمًا غفيرًا في سائر المناطق في الرياض وفي منطقة الجنوب وفي جدة وفي أماكن أخرى، هدى الله جمًا غفيرًا نسأل الله أن يجعلهم صادقين، وأن يثبتنا وإياهم على الهدى، ولكن مهما كان ولو أسلموا لا يجوز استقدامهم إلى هذه البلاد ويدعون وهم في بلادهم، على الدعاة الذين يرسلون من هذه البلاد ومن غير هذه البلاد عليهم أن يدعوا إلى الله، وأن يعلموا الناس دين الله، ويثبتوا المسلمين، ويعلموا المسلمين، وأن يدعوا غير المسلمين في أي بلاد وفي أي مكان في أفريقيا في أوروبا في أمريكا في آسيا في كل مكان، على أهل العلم والبصيرة أن يدعوا إلى الله، ما كل أحد يصلح للدعوة، إنما يتولاها أهل العلم وأهل البصيرة وأهل الفقه في الدين؛ حتى يتولوا دعوة الناس ويبصروهم بما شرع الله، ويعلموهم الإسلام بالطرق الحكيمة والطرق الواضحة وباللغات التي يفهمونها؛ لعل الله يهدي على أيديهم من أراد الله له الهداية، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: من دل على خير فله مثل أجر فاعله، والله يقول سبحانه: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125] هذا يعم الكفار وغيرهم، ويقول جل وعلا: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت:33]، وقال تعالى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ [يوسف:108]، ويقول ﷺ لعلي لما بعثه إلى خيبر: فوالله لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حمر النعم هكذا جاء في الصحيحين، ويقول عليه الصلاة والسلام: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، فدعوتهم إلى الله في أي مكان أمر مطلوب في الطائرة في السيارة وفي القطار وفي العمل وفي أي مكان يتيسر ذلك هذا أمر مطلوب، والداعي له أجر عظيم، وإذا هدى الله على يديه أحدًا صار له مثل أجره هذا خير عظيم، ولكن ليس معنى ذلك أنهم يستقدمون الكفار إلى هنا ليدعوا لا، ولكن يوجه إليهم في أماكنهم ويدعون في أماكنهم في أي بلاد الله حسب الطاقة والإمكان، وعلى ولاة أمور المسلمين أن يفعلوا ذلك وأن يبعثوا الدعاة إلى الله ويزودوهم بما يلزم ويعينوهم، وهكذا إرسال الكتب النافعة المفيدة باللغات المتعددة توزع عليهم لعل الله يهديهم بذلك، هذا كله مطلوب.

نرجع لما يتعلق بالعمل هنا لما ابتلينا بهؤلاء العمال الواجب على من ابتلي بهؤلاء العمال أن يحرص على إبعادهم، وألا يبقيهم، وألا يغتر بفعل الناس، سواء كانوا سائقين أو خدمًا أو خادمات أو عمالًا في زراعة أو عماًلا في بناء أو في شركات أو في غير ذلك، الواجب عليه أن يتقي الله، وأن يحرص غاية الحرص في إبعادهم إلى بلادهم إذا لم يهتدوا ولم يسلموا ويستبدلهم بغيرهم من المسلمين في أي بلاد الله، وينتقي أيضًا من المسلمين، لا ينبغي إيثار الدنيا على الآخرة، لا ينبغي له إيثار الدنيا على طاعة الله ورسوله، ينبغي له أن يتقي الله وأن يختار لما عندهم من الأعمال من يجوز له استقدامه من المسلمين، وكل من له أدنى بصيرة يعرف أن من يدعي الإسلام قد يوجد فيه من هو شر من النصارى وشر من اليهود في كفره وضلاله ونفاقه وشوعيته فلا ينبغي أن يغتر بدعواه الإسلام، بل ينظر ويسأل، على الوكيل وعلى الشخص نفسه أن يسأل الناس سواء في باكستان أو في الهند أو في إندونيسيا أو في ماليزيا أو في أفريقيا أو في  أي مكان يسأل، ويتبصر، ولا يعجل، سوف يجد إن شاء الله من يدله ويرشده على الناس الطيبين، حتى لا يستقدم إلا أناسًا معروفين بالخير تطمئن إليهم في دينهم وفي أمانتهم.

وأما الموجودون الآن فالواجب على الدولة وعلى المسلمين وعلى كل من له عناية بهذا الأمر الواجب عليه أن يجتهد في ردهم إلى بلادهم إن لم يسلموا، أما إن هداهم الله وأسلموا فالحمد لله، لكن إذا أصروا وأبوا إلا البقاء على دينهم الباطل فالواجب إبعادهم وردهم إلى بلادهم والتماس من يقوم مقامهم من المسلمين، هذا هو الواجب، وعلى الدولة وفقها الله أن تعين على ذلك، وقد كتب إليها في ذلك من أهل العلم، وقد استجابت بذلك، ونسأل الله أن يعينها على التنفيذ، وأن يوفقها لكل ما فيه صلاح العباد والبلاد، وأن يقي المسلمين شر أعدائهم أينما كانوا، وأن يجزي إخوتنا المشايخ عن ندوتهم جزاء حسنًا، وأن يضاعف مثوبتهم، وأن ينفعنا وإياكم بما سمعنا وعلمنا.

ثم سمعتم أيضًا في الندوة ما قاله بعض المشايخ من أن الواجب التبليغ، وهذا قد سبق لكم غير مرة، الواجب على من حضر أن يبلغ، فأنتم عدد من أمة، فالواجب التبليغ على من سمع الخير أن يبلغ، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب الناس يقول لهم: «فليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع»، فأنتم إذا بلغتم أمثالكم وأمثالكم يرجى من ذلك الخير الكثير، سمعنا كذا سمعنا كذا تنصحون من رأيتم، تنصحون عن استقدام العمال الكفرة، تنصحون عن ترك الصلاة، تنصحون عن الخيانة، تنصحون عن الرشوة، كل ما سمعتم من خير تنصحون، هذه الفائدة من حضور المسلم لحلقات العلم وسماع النصائح ينتفع في نفسه ومع ذلك يبلغ غيره، وأنتم على خير، من دل على خير فله مثل أجر فاعله، إذا بلغت عشرة لك مثل أجورهم إذا هداهم الله بك، وإذا بلغت مئة لك مثل أجور مئة، وإذا بلغت ألفًا لك أجر ألف مثل أجر الألف، وإذا بلغت مليون لك مثل أجرهم، وهكذا فضل الله واسع من دل على خير فله مثل أجر فاعله، وبهذا يعلم أن الرسول ﷺ له مثل أجور أمته كلها، الرسول ﷺ محمد له مثل أجورنا وأجور من قبلنا من أهل الخير الذين دعوا إلى خير من عهد الصحابة إلى يومنا هذا، كل من هداه الله أو دعا إلى خير فللنبي مثل أجره عليه الصلاة والسلام، هذا خير عظيم له عليه الصلاة والسلام.

فأنتم كذلك إذا دعوتم إلى الله صار لكم مثل أجور من هداهم الله على أيديكم في أي مكان، سواء دعوتموهم في البيت أو في القطار أو في الطائرة أو في السوق والطريق بينكم أو في سفر سافرتموه إلى بلد أخرى، كلما حصل منكم من تبليغ ومن إرشاد أولًا: أديتم الواجب من البلاغ. ثانيًا: يحصل لكم مثل أجور من انتفع بما قلتم وهداه الله على أسبابكم.

رزق الله الجميع التوفيق والهداية.