بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه. أما بعد:
فقد سمعنا جميعًا هذه الندوة المباركة من أصحاب الفضيلة: الدكتور محمد بن أحمد بن صالح، والشيخ أحمد عبدالرحمن، والشيخ عبدالعزيز بن حمد آل مشعل، في موضوع عظيم، وهو موضوع النصيحة، ولقد أجادوا وأفادوا وأوضحوا ما ينبغي إيضاحه، فجزاهم الله خيرًا، وزادنا وإياكم وإياهم علمًا وهدى وتوفيقًا، ونفعنا جميعًا بما سمعنا وعلمنا، ولقد نصحوا وبينوا -جزاهم الله خيرًا، وضاعف مثوبتهم-.
ولا ريب أن الموضوع مثل ما ذكر المشايخ موضوع جدير بالعناية، فإن الرسول ﷺ وهو الذي لا ينطق عن الهوى جعل الدين النصيحة، فقال: الدين النصيحة قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم خرجه الإمام مسلم في صحيحه.
ورواه جماعة وذكروا التكرار ثلاث مرات، إن الدين النصيحة إن الدين النصيحة إن الدين النصيحة، وما ذاك إلا لعظم الأمر، كرره ﷺ لعظم الأمر، وليعلم الناس شدة الضرورة إلى النصيحة، والنصيحة أداء الأعمال والأقوال في غاية من الإخلاص في ذلك والصدق في ذلك، الإنسان قد يعمل قد يقول ولكن لا يقول عن صدق وإخلاص كاملين ولا يعمل عن صدق وإخلاص كاملين، فبين النبي ﷺ أن الدين الذي فرضه الله على عباده وأمرهم به وأوجبه عليهم أنه النصيحة في أعمالنا وأقوالنا، يقال: ذهب ناصح، يعني خالص نظيف ليس فيه غش، وهكذا يقال: عسل ناصح، كذلك سليم ليس فيه خلط لا شمع ولا غيره، بل هو سليم من جميع أنواع الغش والخلط، فالدين هكذا يجب أن يكون عن صدق وإخلاص في كل الأمور، وأعظم شيء ما يتعلق بالإخلاص لله، وهو أصل الدين وأساسه، وهو التوحيد، وهو عبادة الله وحده، والإيمان برسوله عليه الصلاة والسلام، وأن يكون ذلك عن صدق وعن إخلاص كامل لا كالمنافقين، المنافق يظهر ما يظهر الناس ويقول ما يقول الناس ولكنه خبيث القلب فاسد الإيمان غير مقر بالحق وغير مصدق بالحق، كما قال الله عن المنافقين: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [البقرة:8-10].