ثم من النصح لله ولكتابه ولرسوله عليه الصلاة والسلام أن ينصح المؤمن والمؤمنة لولاة الأمور من أمير وسلطان وقاض وشيخ قبيلة، وجميع من له ولاية هم أئمة الناس على رأسهم السلطان الأعظم والملك ورئيس الجمهورية ومن بعدهم من الولاة، يجب على أفراد الشعب على حسب منازلهم ومراتبهم أن ينصحوا لهم، ويتعاونوا معهم على البر والتقوى، ويساعدوهم على الخير، وألا يكونوا ضدهم في أي عمل، بل يكونوا ناصحين لهم، لا غاشين، ولا خائنين، يساعدونهم فيما شرع الله، فيما أمر الله به....... يعينونهم على تقوى الله وطاعة الله، وعلى ترك محارم الله، وعلى أسباب الأمن ونشاط المجتمع في الخير وسلامته من كل ما يضر المجتمع في دينه ودنياه.
فجميع أفراد المجتمع كلهم لبنات في إصلاحه، وفي قيامه، وفي نشاطه، وفي سعادته ونجاته إذا استقاموا نصيحة وأداء للأمانة ونصحًا للأمة في جميع الأمور، ومن ذلك السمع والطاعة في المعروف، وحث الناس على ذلك، وترغيبهم في ذلك، والبيان أنه لا يجوز لهم أن يخونوا في أي عمل، بل عليهم أن يؤدوا الأمانة في جميع الأعمال، المدير والموظف والذي تحته والمراسل والحارس وكل فرد من أفراد الشعب حتى من ليس في وظيفة ولا عمل في الدولة عليه أن ينصح لله ولعباده، وينصح للدولة في إعانتها على الخير، وفي دلالتها على الخير، وفي تشجيع الناس على إعانتها على الخير، وبالسمع والطاعة لها بالمعروف، وحث الناس على ذلك، وأن يستقيموا، وألا يخرجوا على ولاة أمرهم بما يفسد أمرهم، ويسبب سفك الدماء وضياع الحقوق وإذلال الحق وظهور الباطل، وليس معنا هذا ...... الطاعة في غير المعروف، لا، الطاعة في المعروف إنما الطاعة في المعروف كما قاله النبي ﷺ، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لكن يجب التعاون في المعروف، والتناصح في المعروف، والثبات في المعروف، والصدق في ذلك بين الجميع؛ حتى تكون الأمة أمة واحدة متساعدة على الخير، متعاونة على البر والتقوى، متواصية بالحق والصبر عليه، وبذلك لا يجد دعاة الفساد والخونة لا يجدون مجالًا لخيانتهم وفسادهم إذا رأوا المجتمع متعاونا متواصيًا بالحق متناصحًا بكل ما ينفع الأمة في دينها ودنياها.
وهكذا في عامة المسلمين يجب النصح لهم من رؤسائهم وأعيانهم وحكامهم وتجارهم وأمرائهم والمسؤولين فيهم، يجب أن ينصحوا لهم، ومن أهم ذلك أن يعلموهم ويرشدوهم ويثقفوهم في الدين، وتقام عليهم الحدود والتعزيرات الشرعية، حتى يكفوا عما حرم الله، وحتى يلتزموا بأمر الله، كل هذا من النصيحة لعامة المسلمين وليس خاصًا بالأمير نفسه أو بالقاضي نفسه أو بالمدرس نفسه أو بالسلطان نفسه، بل مشترك لكن كل واحد عليه النصيحة، كل ما كانت المسؤولية أكبر والقدرة أوسع كان الواجب من النصح أعظم.