ولا ريب عند أهل العلم أن الحجاب من أعظم أسباب الصيانة، وأن السفور من أسباب الفساد في الأرض، ومن أسباب وقوع الفاحشة، وكثير من الأزواج نزعت منهم الغيرة، حتى إن أزواجهم يسألون من طريق الهاتف تقول: إن زوجي يقول: لا تتحجبي عن إخواني ولا عن أعمامي ولا تحجبي أيضًا عن أزواج أخواتك وأشباه ذلك، وإذا أردت الحجاب منعني من ذلك، وربما علق الطلاق كما سمعتم في المحاضرة هل هذا رجل؟ هل هذا يخاف الله؟ أين حياؤه؟ أين دينه؟ تجلس مع إخوانه هكذا؟ ومن يأمن الذئب على الغنم؟ الأمر خطير، ولا حول ولا قوة إلا بالله، يعني شيء عجيب، انحراف وتغير في الفطر وفي القلوب وفي الأخلاق وفي الحياء وفي الغيرة شيء لا يحد، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ومن قال: إنها لا بأس أن تكشف إذا كانت على حالها غير مزينة وغير مجملة وغير مكحلة وغير كذا من يقول هذا؟ سبحان الله والله يقول: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53]، وهن أزواج النبي ﷺ وبناته، فكيف بنسائنا اليوم؟ وكيف برجالنا اليوم؟ إذا كان أطهر لقلوب المؤمنين والمؤمنات في عهده ﷺ فكيف بحالنا؟ ويقول: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ [النور:31] الآية، وهل هناك أعظم من الوجه في زينتها وجمالها وعنوان جمالها أو دمامتها؟ هو الدليل على عنوان جمالها أو ضده، فكيف إذا حسنته؟ وهل المرأة تترك تحسينه؟ إذا خرجت سوف تجتهد في التحسين مهما استطاعت، ولاسيما إذا كانت تعلم أو سكرتيرة أو كذا أو كذا سوف لا تقصر.
تقول عائشة رضي الله عنها لما سمعت صفوان بن المعطل يوم الإفك: استرجع لما رآها ذهب الجيش عنها، قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، قالت: فلما سمعت صوته خمرت وجهي، وكان قد رآني قبل الحجاب، قد رأى وجهي قبل الحجاب فعرفني، هكذا جاء في الصحيحين البخاري ومسلم، هذا يدل على أنهم منعوا بعد الحجاب، كانوا قبل الحجاب يرى وجه المرأة ويدها وقدمها، عندهم هناك شيء من التساهل، ثم نسخ الله ذلك، وأوجب الحجاب، وحرم السفور، وحرم الخلوة.
ويقول ﷺ: لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما. وقوله: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم. وفي الصحيحين أنه خطب الناس عليه الصلاة والسلام قال: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم فقال رجل: يا رسول الله إني اكتتبت في غزوة كذا وكذا وإن امرأتي خرجت حاجة، قال: انطلق فحج مع امرأتك. أمره أن يترك الجهاد ويذهب مع امرأته في الحج، يترك الجهاد الذي هو مكتوب فيه في الغزوة وأمره أن يدع الجهاد الذي هو الأمر المعروف عظمة الجهاد وفضله أمره أن يدع الجهاد وينطلق مع امرأته، لا يدعها بدون محرم في الحج، هذا يدل على عظم الأمر، وأن الخطر كبير، إذا كانت وحدها قد يزين لها الشيطان الميل إلى زيد أو عمرو من عندها من يصونها من يقوم عليها.
فالمقصود أن الحجاب من أعظم وسائل السلامة، والخلوة والسفور من أعظم وسائل الخطر والفساد، فالواجب على المسلمين أن يتقوا الله، وأن يحذروا وسائل الشر، لا من جهة السفور ولا من جهة الخلوة ولا من جهة العمل مع الرجال، وفي كثير من أمصار المسلمين ودول المسلمين الاختلاط موجود، الفتاة مع الشاب في كرسي واحد ملاصقة له، من يأمن هذا؟ كيف تكون مواعيده كيف يكون الاجتماع؟ ودعاة النار الآن يطلبون منا هذا، يطلبون من الدولة السعودية أن يكون التعليم فيها مثل التعليم في كذا وكذا وكذا، مثل التعليم في مصر في كذا في كذا، المقصود ليش تختصون بشيء، خلوكم مع الناس خلوكم مع الناس، ولو رحتم إلى جهنم خلوكم مع الناس، هذه دعوة دعاة النار، هذه دعوتهم، دعوتهم أن نكون مع الناس ولو كان المصير جهنم، نسأل الله العافية، هذا كله من الجهل والضلال والانحراف وقلة الدين وفساد الدين، نسأل الله العافية والسلامة.
فالحاصل من هذا -أيها الإخوة- أن الواجب تقوى الله، والتعاون على البر والتقوى، والحذر من هذه الأمور، والحذر من استيراد الخادمات والخدم من الخارج إلا عند الضرورة القصوى، فإذا كان الضرورة فليكن المستقدم مسلمًا لا نصرانيًا ولا وثنيًا ولا بوذيًا ولا هندوسًيا، يكون مسلمًا حنيفًا، ويتخير عند الحاجة، يتخير العامل الطيب والسائق الطيب والخادمة الطيبة المسلمة عند الضرورة القصوى والكبير في السن والدميمة غير الجميلة؛ لعلك تسلم عند الضرورة، أما التساهل في هذا الأمر فهو طريق إلى الشر والفساد.
ونسأل الله أن يوفق الدولة لكل خير، وأن يعينها على كل خير، وقد رفع لها أهل العلم فيما يتعلق باستقدام الكفرة ووعدت خيرا منذ سنوات، ونسأل الله أن يعينها على تطبيق هذا الخير، وأن يبعد الله عنا أهل الشر، وأن يكثر فينا أهل الخير، وأن يوفق الدولة ورجالها وعمالها لكل خير، وأن يصلح لها البطانة، وأن يوفق المسلمين في هذه البلاد للتعاون مع الدولة في كل خير، والإعانة للدولة على كل خير، وأن يكونوا دعاة خير ودعاة هدى، وأن يكونوا معينين على الخير والإصلاح.