وكل واحد يجب أن يحاسب نفسه، وأن يتقي الله في دينه، وفي أداء واجبه، وشرط ذلك العلم والإخلاص والصبر، قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ [يوسف:108] لا إلى حظ عاجل ولا إلى رأي فلان أو مذهب فلان أو ما أشبه ذلك، إِلَى اللَّهِ يعني إلى دينه، إلى توحيده والإخلاص له، إلى اتباع شريعته، هكذا الدعوة إلى الله اتباع القرآن والسنة، إلى توحيد الله واتباع ما جاء به نبيه عليه الصلاة والسلام مما دل عليه كتاب الله الكريم القرآن ومما صحت به السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام على بصيرة على علم، لا بد من العلم ولا بد من الصبر وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ [النحل:127]، فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الأحقاف:35]، وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال:46]، ويقول لقمان لابنه: يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ [لقمان:17].
وقد صبر الرسل عليهم الصلاة والسلام صبرًا عظيمًا فوق صبر من بعدهم، فصبر الرسل أعظم الصبر، وجهادهم أعظم الجهاد، وعلمهم أكمل العلم، وأخلاقهم أكمل الأخلاق، وأعمالهم أكمل الأعمال -عليهم الصلاة والسلام-، فعلى أتباعهم التأسي بهم في الإخلاص والصدق والصبر والعمل، وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت:33]، لا بد من العمل مع القول، والله يقول جل وعلا: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب:21]، ويقول : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم: 6]، ويقول لنبيه ﷺ: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا [طه:132]، ويقول عن إسماعيل عليه الصلاة والسلام: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا [مريم:54-55].