الواجب على جميع المسلمين ذكورهم وإناثهم أغنيائهم وفقرائهم حكامهم ومحكوميهم أن يؤدوا واجبهم في الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يبدؤوا بأنفسهم، وأن يحاسبوها، فمتى قام كل إنسان بما يستطيع وحاسب نفسه وجاهدها لله نجح وأفلح وعظم أجره وبارك الله في سعيه وعمله، يقول سبحانه في كتابه المبين: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69]، ويقول سبحانه: وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ [العنكبوت:6].
فأنت يا عبد الله وأنت يا أمة كل منكما عليه نصيبه من الجهاد بأداء حق الله الذي أوجب، وترك ما حرم الله، والوقوف عند حدود الله، ونفع عباد الله، فالمسلمون بناء واحد وجسد واحد، يقول النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، هكذا المؤمنون يألم كل واحد للآخر، يؤلمه ما يؤلمه، ويسره ما يسره، عند صحة الإيمان وقوة الإيمان يتألم كل واحد لأخيه، فكما أنه يضرك تخلفك عما أوجب الله عليك أو وقوعك فيما حرم الله عليك فهكذا يضر أخاك، فنصح له، لا تدعه فريسة لعدو الله الشيطان، ولا لذل الشيطان، فكما أن المؤمن الصادق البصير في دين الله يحرص على أن يصلي في الجماعة على أن يؤدي الزكاة على أن يصوم رمضان وأن يحج البيت على أن يبر والديه على أن يصل رحمه على أن يتباعد عما حرم الله عليه فهكذا يجب عليه أن يحب هذا لأخيه أيضًا ولأخته في الله، كما قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه متفق على صحته. ويقول عليه الصلاة والسلام: من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتدركه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأتي إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه رواه مسلم في الصحيح. يعني ليعامل الناس كما يحب أن يعامل، يعاملهم بالنصح والصدق والخير والخلق الكريم كما يحب أن يعامل.
وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا وشبك بين أصابعه متفق على صحته. هكذا المؤمنون يشد بعضهم بعضًا، ويدعم بعضهم بعضًا، ويعين بعضهم بعضًا كالبنيان، فلما اختل هذا الأساس العظيم في المؤمنين في أزمان كثيرة ضعف جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وضعف جانب الدعوة، وكلما قوي اتصال المؤمنين بعضهم ببعض وكلما قوي تكاتفهم عظم هذا الواجب، وكثر الخير.