10- من حديث (ذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءًا)

- وعن أبي سعيدٍ الخدري قال: قال رسولُ الله ﷺ: إذا أتى أحدُكم أهلَه ثم أراد أن يعود فليتوضَّأ بينهما وضوءًا رواه مسلم.

زاد الحاكم: فإنَّه أنشط للعود.

وللأربعة عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: "كان رسولُ الله ﷺ ينام وهو جنبٌ من غير أن يمسَّ ماءً". وهو معلولٌ.

- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسولُ الله ﷺ إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه، ثم يُفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه، ثم يتوضأ، ثم يأخذ الماء فيُدخل أصابعَه في أصول الشعر، ثم حفن على رأسه ثلاث حفنات، ثم أفاض على سائر جسده، ثم غسل رجليه".

متفقٌ عليه، واللفظ لمسلم.

ولهما من حديث ميمونة: "ثم أفرغ على فرجه وغسله بشماله، ثم ضرب بها الأرض".

وفي روايةٍ: "فمسحها بالتُّراب".

وفي آخره: "ثم أتيتُه بالمنديل فردَّه".

وفيه: "وجعل ينفض الماءَ بيده".

- وعن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت: قلتُ: يا رسول الله، إني امرأةٌ أشدّ شعر رأسي، أَفَأَنْقُضُه لغسل الجنابة -وفي روايةٍ: والحيضة؟ قال: لا، إنَّما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات رواه مسلم.

الشيخ: الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.

أما بعد: فهذه الأحاديث في آداب الجماع وما ينبغي وما يُشرع للجُنب:

الحديث الأول: يقول ﷺ: إذا أتى أحدُكم أهلَه ثم أراد أن يعود فليتوضَّأ بينهما وضوءًا، هذه هي السنة، إذا جامع زوجتَه ثم أراد أن يعود بعد ذلك، فالسنة أن يتوضأ بينهما وضوءًا؛ لما فيه من النظافة والنَّشاط، حتى جاء عند الحاكم: فإنه أنشط للعود يعني: أنشط له في عودته إلى أهله، هذا هو الأفضل.

وفي "الصحيح" عن عائشةَ رضي الله عنها: أن النبيَّ ﷺ كان إذا جامع أهله، ثم أراد أن يأكل أو ينام توضَّأ، هذه هي السنة، إذا أراد أن يأكل أو ينام أو يُعيد الجماع فالسنة أن يتوضَّأ.

أما حديثها الثاني: أنه كان ينام وهو جنب من غير أن يمسَّ ماءً، فهذا مثلما قال المؤلف: معلولٌ؛ لأنَّه من رواية أبي إسحاق السّبيعي، عن الأسود، وهو مدلس، وبكلِّ حالٍ فهو عامٌّ مُقيَّدٌ بالأحاديث الدالة على الوضوء، فلو صحَّ لكان المرادُ "من غير أن يمسَّ ماءً" يعني: ماء الغُسل، فهو محمولٌ على أنه ينام وهو جنب ولم يغتسل، لكن بعد الوضوء.

وفي "الصحيح" أنَّ عمر قال: يا رسول الله، إذا كنتُ جنبًا فهل أنام؟ قال: نعم، إذا توضَّأْتَ فنَمْ، وفي لفظٍ آخر: توضَّأ ثم ارقُدْ.

فدلَّت هذه الأحاديث على أنه يُستحب للجنب الوضوء قبل أن ينام، وقبل أن يأكل، ويُستحب له الوضوء إذا أراد معاودة الجماع، كلّ هذه مُستحبَّة.

والحديث التالي: حديث عائشة في صفة الغسل، وحديث ميمونة: أنه كان يغسل كفَّيه ثلاثًا، ثم يستنجي من الماء، وفي حديث ميمونة: يضرب يدَه اليُسرى بالتُّراب بعدما يستنجي بها، ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ثم يحفن على رأسه ثلاث حفنات، ثم يفيض الماء على سائر جسده، ثم يغسل رجليه، كما في حديث ميمونة.

فهذا هو الأفضل في غُسل الجنابة: يبدأ فيغسل يديه ثلاثًا، ثم يستنجي، ثم يضرب يديه بالتُّراب أو الصَّابون أو الأُشنان، ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ثم يحفن على رأسه ثلاث حفنات، ثم يروي رأسه بالماء، ثم يُفرغ الماء على بقية جسده؛ يبدأ بشقِّه الأيمن، ثم الأيسر، ثم يغسل رجليه، فإذا كان المحلُّ فيه شيء يُؤثر على رجليه فيغسلها في مكانٍ آخر حتى يُنَظِّفها، هذه هي السنة.

وهكذا المرأة إذا كان رأسها مشدودًا: تُفرغ عليه الماء ثلاث مرات، كما قالت أمُّ سلمة: "أشدّ شعر رأسي، أفأنقُضه لغسل الجنابة والحيضة؟" فقال: لا، إنما يكفيكِ أن تحثي عليه ثلاث حثيات، فإذا كان رأسُها مفتولًا تحثي عليه ثلاث حثيات: فتغمره بالماء، ثم تفيض الماء على جسدها ويكفي والحمد لله، ولا يلزمها نقضُه.

لكن في الحيض يُستحبُّ لها نقضه؛ لأنَّه جاءت أحاديث فيها الأمر بنقضه في الحيض، فتنقضه وتغسله، وهو أكمل، أما في الجنابة فلا يلزمها ولا يُشرع لها؛ لأنَّ الجنابة تكثر وتتكرر، فقد تتكرر في كل ليلةٍ، وكل يومٍ، فلا يلزمها نقضه، ولا يُشرع لها نقضه، بل يكفي أن تمر الماء على رأسها وإن كان مشدودًا.

وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: وإذا ترك الجنبُ الوضوءَ؟

ج: ترك السنة، يعني: مكروه.

س: هل عليه شيء؟

ج: لا شيءَ عليه.

س: قول ابن القيم: "الصحيح في حديث أمِّ سلمة الاقتصار على ذكر الجنابة دون الحيض، وليست لفظة الحيض محفوظة"؟

ج: لا أدري في رواية مسلم، لكن كونها في الحيض تنقض أولى وأفضل؛ جمعًا بين الرِّوايات.

س: هل قول ابن القيم متَّجِهٌ؟

ج: يدل على الجواز.

س: ما رأيكم فيمَن قال: الأفضل عند الاغتسال ألا يتنشَّف، وعند الوضوء يتنشَّف؟

ج: في الاغتسال لا يتنشَّف، فالأفضل ترك التَّنشيف، أمَّا في الوضوء فلا بأس به.

س: القول بوجوب الوضوء لمَن أراد أن يعود؟

ج: لا، مُستحبٌّ، سنة: فإنَّه أنشطُ للعود.

س: إذا صلَّى على الجنازة وبعد الدّعاء للميت لم يُسلّم الإمام، فهل يدعو لنفسه؟

ج: يدعو للميت فقط، يُكرر الدعاء للميت.

س: ترك المِنديل هل هو أمرٌ تعبديٌّ أو لعدم الحاجة؟

ج: الله أعلم.

س: حديث: لا تدخل الملائكةُ بيتًا فيه صورة، ولا كلب، ولا جنب.

ج: زيادة "الجنب" فيها نظر؛ لأنَّ الرسول ﷺ كان يبيت وهو جنب، وهو أفضل البيوت.

س: أليس في "سنن أبي داود"؟

ج: ولو، في صحَّته نظر.

س: هل منى ومُزدلفة من الحرم؟

ج: نعم، من الحرم، وعرفة ما هي من الحرم.

س: ومَن ذبح الهدي في عرفة هل يُجزئ ذلك؟

ج: لا، ما يُجزئ إلَّا في منى ومُزدلفة، إلَّا في مكة.

س: ..................؟

ج: مستحبّ.

س: قول: تحت كل شعرة جنابة؟

ج: ضعيف.

س: الجنب هل يُشرع له أن يتيمم إذا أراد النوم؟

ج: ما وجد الماء؟

س: لا، وجد الماء.

ج: لا، هذا ما يصير، يتوضَّأ ويكفي، فعله أفضل الخلق عليه الصلاة والسلام.

س: لكن ما ورد حديثٌ في التَّيمم؟

ج: ما ورد شيء.

- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسولُ الله ﷺ: إني لا أُحِلُّ المسجدَ لحائضٍ ولا جنبٍ.

رواه أبو دواد، وصحَّحه ابنُ خُزيمة.

- وعنها رضي الله عنها قالت: "كنتُ أغتسل أنا ورسولُ الله ﷺ من إناءٍ واحدٍ، تختلف أيدينا فيه من الجنابة".

متفقٌ عليه، وزاد ابنُ حبَّان: "وتلتقي أيدينا".

- وعن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله ﷺ: إنَّ تحت كل شعرةٍ جنابةً، فاغسلوا الشعرَ، وأنقوا البشر.

رواه أبو داود، والتِّرمذيُّ، وضعَّفاه.

ولأحمد عن عائشة رضي الله عنها نحوه، وفيه راوٍ مجهول.

الشيخ: الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.

أما بعد: فهذه الأحاديث تتعلق أيضًا بحكم الجنب:

حديث عائشة رضي الله عنها: يقول النبيُّ ﷺ: إني لا أُحِلُّ المسجدَ لحائضٍ ولا جنبٍ، هذا يدل على أنه لا يجوز المكثُ في المسجد للحائض والجنب حتى يتطهَّرا، لكن المرور لا بأس به؛ لقوله جلَّ وعلا: إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ [النساء:43]، فإذا مرت الحائضُ أو مرَّ الجنبُ من المسجد لأخذ حاجةٍ، أو من بابٍ إلى بابٍ لحاجةٍ؛ فلا حرج في ذلك، أمَّا المكث والجلوس فيه فلا.

الحديث الثاني كذلك: كانت تغتسل مع الرسول ﷺ من إناءٍ واحدٍ، تختلف أيديهما من الجنابة وتلتقي، هذا يدل على جواز غسل الرجل مع أهله؛ لأنَّه يُباح لكلٍّ منهما النظر إلى آخر، فكل واحدٍ لا بأس أن ينظر إلى عورة صاحبه، فكما جاز الجماع فالنظر إلى العورة من باب أولى وأسهل.

فدلَّ ذلك على جواز أن ينظر إليها وتنظر إليه، وأن تغتسل معه عاريةً، فلا حرج في ذلك؛ لأنَّها زوجته، وقد أباح الله له النظر إليها وجماعها، فجاز الغسل معها.

والحديث الثالث يدل على وجوب العناية بالغسل، وغسل الشعر والعناية به، وأن تحت كل شعرةٍ جنابة، وإن كان الحديثُ ضعيفًا، لكن تقدَّم أنه ﷺ كان يعتني برأسه، وكان يُدخل أصابعه في أصول الشعر، وكان يفيض الماء عليه ثلاث مرات.

فالواجب على المؤمن أن يعتني بشعره، وأن يُدخل أصابعه في شعره، ويفيض عليه الماء حتى يظنَّ أنه قد روى بشرته، ويكفي هذا الظن في هذا والحمد لله.

ثم يعمّ بدنه بالماء، والأفضل أن يستنجي أولًا ثم يتقدّم فيتوضأ وضوء الصلاة، ثم يفيض الماء على رأسه ثلاث مرات، ثم على شقِّه الأيمن، ثم الأيسر، هذا هو الأفضل، ثم يغسل رجليه مرةً أخرى، هذا هو التَّمام، والمهم أن يعمَّ الماءُ بدنه، فإذا عمَّ بدنه كفى.

أما الرأس: فيُدخل أصابعه في أصول الشعر ويروي شعره، مثلما تقدَّم في قصة أمِّ سلمة: "إني أشدّ شعري، أفأنقُضه في غسل الجنابة؟" قال: لا، إنما يكفيكِ أن تحثي عليه ثلاث حثيات، فإن كان مشدودًا كفى المرأة أن تحثي عليه، وإذا كان مُطلقًا أدخلت أصابعَها في أصوله للتّروية، والرجل كذلك حتى يظنَّ أنه قد روى بشرته.

وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: بالنسبة للنَّقض هل يتأكَّد ويُشرع في الجنابة؟

ج: يتأكَّد في الحيض والنِّفاس.

س: والجنابة؟

ج: لا، يكفي إذا كان مشدودًا مثلما قالت أمُّ سلمة.

س: الجنب إذا توضأ هل يجوز له المُكث في المسجد؟

ج: لا، رُوي عن بعض الصَّحابة، ولكن ظاهر الحديث المنع.

س: ما درجة حديث عائشة الأول: لا أُحِلُّ المسجدَ لحائضٍ ولا جنبٍ؟

ج: لا بأس به.

س: أليس فيه جسرة بنت دجاجة؟

ج: لا بأس بها.

س: المشي على القبور أو بين القبور بالحذاء ما حكمه؟

ج: أقلّ أحواله الكراهة إذا لم تكن هناك حاجة، أما إذا كانت هناك حاجة -كحَرِّ أرضٍ حارَّة، أو شوك- والحاجة ماسَّة إلى المرور فلا حرج.

س: ..............؟

ج: هذا عند الدفن، ما هو بلازمٍ بين القبور عندما ينصرف الناس عنه.

س: مَن قال أنَّ النبي ﷺ لم يغتسل مرةً عريانًا؟

ج: ما عنده خبر، هذا قولٌ على الله بغير علمٍ.

س: هل ورد الغُسل عن رسول الله ﷺ بصفتين؟

ج: المعروف عن عائشة وعن ميمونة هو الوضوء ثم إفاضة الماء، وجاء عن ميمونة: "ثم يغسل قدميه في مكانٍ آخر".

س: مَن وُكِّلَ بالحج عن غيره وأراد أن يعتمر، هل يلزمه هَدْيٌ؟

ج: يهدي هديًا واحدًا عن الذي استنابه؛ لأنَّه حجَّ مُتمتِّعًا.

س: هو يحجُّ عن الرجل، ويأخذ عمرةً عن نفسه؟

ج: ما يُخالف، لكن الهدي يكون عمَّن أمره -التمتع.

س: لكن هو ما أمره بالتَّمتع، أمره بالحج؟

ج: إذا تمتع يهدي.

س: إذا كان أخذ العمرةَ عن نفسه، وأخذ الحجَّ عن غيره؛ يُهدي؟

ج: نعم.

س: هل للإنسان أن يُصلي أربعًا في النهار بسلامٍ واحدٍ؟

ج: الأفضل التَّسليم من كل ركعتين؛ لقوله ﷺ: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى.

س: والرِّوايات الواردة في ذلك: أربعًا؟

ج: .................

س: لكن جاء عند الترمذي وغيره أنَّه صلَّى أربعًا بلا تسليمٍ؟

ج: ما أدري عن صحَّته، ما أعلم، تقول عائشةُ رضي الله عنها: "كان النبيُّ يُصلي عشرًا من الليل، يُسلِّم من كلِّ ثنتين، ثم يُوتِر بواحدةٍ"، هي التي روت هذا، وهي التي روت هذا.

س: لو صلَّى أربعًا بسلامٍ واحدٍ، هل هذا خلاف المشروع؟

ج: نعم، خلاف المشروع.

س: عندما رقى النبيُّ ﷺ الصَّفا هل كبَّر ثلاثًا فقال: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، ثم قال: لا إله إلا الله، وحده لا شريكَ له؟

ج: كبَّر وذكر الله ثلاثًا، وكرر الدّعاء والذِّكْر ثلاث مراتٍ على الصَّفا والمروة.

س: الحديث الأخير الضَّعيف -حديث أبي هريرة- هل معناه صحيح في غسل الجنابة: إنَّ تحت كلِّ شعرةٍ جنابة؟

ج: هذا حديث عليٍّ، ولكنه ضعيفٌ.

س: ومعناه صحيح؟

ج: لا، لا يلزمه أن يتبع كلَّ شعرةٍ، فقط يعمُّ الماءُ بدنَه ويكفي.

س: المُسافر إذا صلَّى خلف المُقيم هل الأولى له أن يُؤدِّي السُّنن الرَّواتب؟

ج: هذا هو الأقرب؛ إذا أتمَّ يُؤدي الراتبة، فإذا صلَّى مع المقيمين أدَّى الراتبة؛ لأنَّ هذا هو الأفضل.

س: سائلٌ يقول: عنده أطفال كُثُر وزوجته مُتعبة بعض الشيء، وتطلب خادمةً، فما يدري: هل يجوز أن يأتي بخادمةٍ، ولا سيما أنه يأتي بها من المكتب بدون مَحْرَمٍ، فهنَّ مجموعة خادمات يُقارب عددهنَّ مئةً وأكثر، يأتين بطائرةٍ واحدةٍ من البلد؟

ج: الإثم على مَن أرسلها.

س: يعني: الكفيل ما عليه إثمٌ؟

ج: الإثم على مَن أرسلها، لكن الشَّأن أنه قد يخلو بها إذا كانت واحدةً، فلو يُوصِي باثنتين يكون أحوط.

س: لا، يقول: ليس هناك خلوة في بيته؛ فالأولاد كثر، والبيت واسع، ولها مكانٌ مُخصَّصٌ؟

ج: هل لديه نساء غير الزوجة؟

س: أطفاله.

ج: الأطفال ما هم بشيء.

س: لا، كبار، وبعضهم بالغ.

ج: ما يُخالف.

س: ألا يكون هو مُتَسَبِّبًا في مجيئها؟

ج: الله أعلم.