حكم الاستماع إلى الأغاني والملاهي

فقد سمعنا جميعًا هذه الندوة المباركة التي تولاها أصحاب الفضيلة: الشيخ عبدالرحمن الدرويش، والشيخ .......، والشيخ إبراهيم بن عبدالله بن غيث، فيما يتعلق بالغناء والمعازف، وبيان ما يترتب على ذلك من الأضرار والأخطار، وقد أجادوا جميعًا وأفادوا، جزاهم الله خيرًا، وبينوا وأضحوا ما يترتب على هذه البلية من الشرور الكثيرة، والأخطار المتنوعة، والفساد الكبير للرجال والنساء جميعًا، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وكل يعلم ما قد انتشر في هذا الخصوص من طريق الإذاعة، ومن طريق التلفاز، ومن طريق الفيديو، ومن طريق التسجيل، وغير ذلك، فالبلاء كبير، والخطر عظيم، وما أشار إليه المشايخ كله حقيقة واقعة، فالواجب هو الحذر والعلاج، أما الواقع فقد وقع هذا البلاء وانتشر، ولكن يجب على أهل الحل والعقد وعلى كل مسلم في نفسه حسب طاقته أن يحرص على العلاج الناجع، وعلى ولاة الأمور بوجه أخص -وفقهم الله- أن يعنوا بهذا الأمر؛ لأن الأمر بالله ثم بهم، فإذا عولج الباطل وأحل محله الخير قلت الشرور وغلبت الفضائل وانتهت الرذائل، وإذا ترك الحبل على الغارب وتركت هذه الشرور على حالها زاد بلاؤها وزاد شرها وزاد خطرها، والناس بخير ما عالجوا الأوضاع ما جدوا واجتهدوا في علاج الأوضاع وإبعاد الشرور وتكثير الخير وتقليل الشر في كل مكان في البيت والسوق وفي كل مكان.

وقد سمعتم كلام أهل العلم وسمعتم الكثير من الآيات والأحاديث في ذلك، وإنما المصيبة عدم العلاج، وعدم العناية بإنكار هذا الباطل، وعدم الحرص على السلامة من شره إلا من شاء الله من عباده، والله يقول جل وعلا في كتابه العظيم: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ۝ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [لقمان:6-7]، والله يقول هذا ذمًا لهؤلاء، وَمِنَ النَّاسِ يعني: بعض الناس هذا عمله يذمه سبحانه ويعيبهم بهذا الأمر ويحذر من عملهم، قال أكثر أهل العلم وأكثر أهل التفسير {لَهْوَ الْحَدِيثِ}: هو الغناء، ويضاف إلى ذلك أصوات الملاهي، فإنها داخلة في ذلك، وهي مما يشجع على الغناء، ومما يشجع على استماعه أيًا كانت من عود أو كمان أو رباب أو غير ذلك، ثم بين أن هذا البلاء يحصل به الضلال ليضل عن سبيل الله، يعني العاقبة أن هذا العمل يضله عن سبيل الله، ويضل غيره، وقرئ لِيَضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي: ليضل بنفسه باستعمال هذا البلاء يحصل له الضلال والإضلال، ويفضي به إلى أن يتخذ القرآن هزوًا، إذا اعتاد الملاهي واعتاد الغناء ثقل عليه سماع القرآن، ولم يأنس بسماع القرآن، وربما أفضى به ذلك إلى أن يتخذ الآيات هزوًا، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهذا بجهله وقلة بصيرته، ولهذا قال بغير علم؛ لأنه يفترسه الشيطان بأسباب هذه البلايا والمحن والشرور التي هي خطوات الشيطان، قال ابن مسعود لما قرأ هذه الآية قال: "هو الغناء"، وكان يحلف على هذا، وقال : "الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل"، هذا من كلام عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ويروى مرفوعًا عن النبي ﷺ، وليس بثابت، إنما هو من كلام عبدالله بن مسعود رضي الله عنه.

الغناء بالمد هو أصوات المغنيات والمغنيين، أما الغنى بالقصر فهو المال، سعة المال وكثرته يقال له: الغنى بالقصر، أما الغناء بالمد فهذا هو الغناء المعروف، وهو أصوات المغنيين والمغنيات، وما يقولونه في مدح الحب والشهوات وإثارة الشهوات وما يتعلق بالحبيب والحبيبة وفلان وفلانة إلى غير ذلك مما يثير الشهوات، ومما يحرك الغرائز ومما يدعو إلى الزنا والفواحش، وإذا كان مع ذلك آلات الملاهي عظم الأمر، إذا كان معه العود والكمان وأشباه ذلك والرباب صار الأمر أشد وصار الخطر أعظم، قال أبو عمرو بن الصلاح رحمة الله عليه: "إن ذلك محرم بإجماع المسلمين"، وفي الصحيح صحيح البخاري رحمة الله عليه عن أبي مالك الأشعري ....... رضي الله تعالى عنهما عن النبي عليه الصلاة والسلام.