كلمة التوحيد هي الأساس العظيم للدين

أيها الإخوة في الله: لقد سمعنا جميعًا هذه الندوة المباركة التي تولاها أصحاب الفضيلة: الشيخ محمد بن حسن الدريعي، والشيخ جعفر شيخ إدريس، والشيخ صالح بن عبدالرحمن الأطرم، فيما يتعلق بمعنى الشهادتين، وما يضادهما، وفضل كلمة التوحيد لا إله إلا الله، وحقيقتها، وحقها، وما يضادها، ولقد أجادوا جميعًا، وبينوا الكثير مما يجب في هذا المقام، وأوضحوا وجوب تحقيق هذه الشهادة، ووجوب أداء حقها، وأنها الأساس العظيم لهذا الدين العظيم دين الإسلام، وأنها الكلمة التي دعت إليها الرسل، وبدأت بها الرسل جميعًا عليهم الصلاة والسلام، وأنها أساس الحق، وأنها خلق من أجلها الثقلان، وقام بها سوق العدل، إلى غير ذلك مما أوضح أصحاب الفضيلة، جزاهما الله خيرًا، وزادنا وإياكم وإياهما علمًا وهدى وتوفيقًا، ونفعنا جميعًا بما سمعنا وعلمنا.

أيها الإخوة في الله: لا ريب أن الأمر هو كما قال المشايخ في هذه الكلمة، فإن كلمة التوحيد لا إله إلا الله هي الأساس العظيم لدين الإسلام من عهد آدم عليه الصلاة والسلام إلى عهد محمد عليه الصلاة والسلام وإلى يوم القيامة، كلمة جاءت بها الرسل، ودعت إليها الرسل، وأنزل الله بها الكتب، فلا إسلام ولا إيمان ولا جنة إلا بتحقيق هذه الكلمة، والإيمان بها، والعمل بمقتضاها، من توحيد الله، والإخلاص له، وترك الشرك به ، قال تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ [الحج:62]، يعني فهي دلت على أنه الحق ، وما سواه باطل، ولهذا أكثر منها سبحانه في كتابه العظيم في مواضع كثيرة من كتابه؛ ليعلم المكلفون عظم شأنها، شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [آل عمران:18]، الم ۝ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [آل عمران:1-2]، وهكذا آية الكرسي اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة:255]، فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [محمد:19]، وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [البقرة:163]، في آيات كثيرات جدًا كلها تدل على عظم شأن هذه الكلمة، ومعناها لا معبود حق إلا الله، فهي تنفي وتثبت، تنفي الإلهية وهي العبادة عن غير الله، يعني بالحق، ونثبتها بالحق لله وحده سبحانه وتعالى، هناك معبودات آلهة كثيرة معبودة من دون الله من قبور وأصنام وأشجار وأحجار وكواكب وغير ذلك كلها معبودة متخذة آلهة لكنها باطلة، كلها باطلة، والإله الحق هو الله وحده كما قال : وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [البقرة: 163]، وقال سبحانه: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ [الحج:62]، وقال: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117]، وقال: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ۝ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ [الزمر:2-3]، وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الإسراء:23]، إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]، فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [غافر:14] إلى آيات أخرى.

فالواجب على المسلم أن يعرف معنى هذه الكلمة، وأن يتحققها وبتحقيقها يؤدي حقها، و...... الرسل جميعًا جاءوا بها ودعوا وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل:36] اعبدوا الله: معنى إلا الله، واجتنبوا الطاغوت: معنى لا إله، قال سبحانه: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:25]، وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ [الزخرف:45] لا، لم يجعل الله آلهة تعبد مع الله ، والرسل كلهم بعثوا بهذا الأمر، وخاتمهم وأفضلهم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام بعث بهذا الأمر، مكث عشر سنين بل ثلاثة عشر سنة في مكة المكرمة يدعو الناس إلى هذه الكلمة، إلى توحيد الله، إلى أن يخصوا الله بالعبادة دون كل ما سواه، وفرض عليه في آخر ذلك الصلوات الخمس قبل أن يهاجر، ثم هاجر وفرضت بقية الشرائع، ولكن لعظم شأن هذه الكلمة وأنه لا عمل ولا صلاة ولا زكاة ولا صيام ولا حج ولا غير ذلك إلا بعد صحة هذه الكلمة، بعد أن يحقق المؤمن هذه الكلمة، بعد أن يعبد الله وحده، بعد أن يعتقد أن الله هو الإله الحق، وأن العبادة حقه لا تصلح لغيره سبحانه وتعالى، بعد هذه العقيدة يصلي ويصوم وتصح صلاته وصومه.