التعدد في الشرائع السابقة وفي شريعتنا

ولقد جرب المسلمون من عهد النبي ﷺ التعدد، بل قبل عهد النبي ﷺ، فقد كان التعدد كما سمعتم في الندوة موجودًا في الجاهلية موجودًا عند اليهود والنصارى في شريعة التوراة وشريعة الإنجيل، ولكن أعداء الله كأنهم نسوا ذلك، فجحدوه حتى زيفوا في هذا المقام ولبسوا وقالوا ما لا ينبغي أن يقال، وقد كان داود عليه الصلاة والسلام وهو من أنبياء بني إسرائيل وهو ممن يعمل بالتوراة كانت عنده مائة امرأة، وكان عند ابنه سليمان تسع وتسعين امرأة ومرة قال كما أخبر به النبي ﷺ في الحديث الصحيح قال سليمان مرة: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة تلد كل امرأة منهن غلامًا يقاتل في سبيل الله، فقيل له: قل: إن شاء الله قال له الملك قل: إن شاء الله، فلم يقدر أنه قال ذلك، فطاف بهن فلم تحمل إلا امرأة واحدة نصف إنسان ليريه الله العبرة، وأنه لا بد من مشيئة الله والتأدب بالآداب الشرعية، فالمقصود أن هذا موجود في الشريعة السابقة، الشرائع السابقة التي جاء بها الأنبياء، والتوراة كتاب عظيم نزلت على موسى، واستقام عليها الأنبياء بعده من بني إسرائيل وحكموا بشريعة التوراة، ثم جاء عيسى عليه الصلاة والسلام بالإنجيل فخفف بعض ما في التوراة من التشديد، وأحل لهم بعض ما حرم عليهم بأمر الله ، أرسله الله إليه ليحل لهم بعض ما حرم عليهم، وليحكم بينهم فيما اختلفوا فيه، ويبين لهم الصواب، ولكن اليهود والنصارى غلب عليهم الشر والفساد، وحادوا عن الحق والهدى، ولم يبق منهم على الحق إلا القليل، وجاءت شريعة محمد صلى الله عليه وسلم بأمر ينفع الجميع، وليس فيه التعدد الكثير الذي كان في الشرائع السابقة لحكمة بالغة، لما  كانت شريعة محمد ﷺ شريعة عامة ليست لبني إسرائيل خاصة ولا للعرب خاصة ولكنها شريعة عامة للعرب والعجم لسكان الأرض كلهم من بني آدم وللجن أيضًا، فهو مبعوث للجن والإنس عليه الصلاة والسلام، وجاء بشريعة عامة فيها كل خير، وفيها الدعوة إلى كل كمال وكل صالح، فيها الدعوة إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال في العبادات وفي المعاملات وفي النكاح وفي الطلاق وفي الدعاوى وفي الخصومات، في كل شيء دعا عليه الصلاة والسلام إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال والآداب الشرعية، ومن جملة ما شرع الله لنا في شريعة محمد عليه الصلاة والسلام التعدد للمصالح التي سمعتم بعضها المصالح الكبيرة التي سمعتهم بعضها في الندوة، ولكن أعداء الحق تعاموا عنها أو جهلوها، فلهذا عابوا التعدد ما بين جاهل وما بين حاقد كاتم للحق يريد التشكيك على المسلمين، ويريد تعطيل هذا الحكم الشرعي، وتعطيل ما يترتب عليه من الفوائد والمصالح.