ضرورة تربية الأولاد والتربية الإسلامية

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فقد سمعنا جميعًا هذه الندوة المباركة التي تولاها صاحبا الفضيلة: الشيخ محمد بن ......، والشيخ محمد بن أحمد بن صالح فيما يتعلق بموضوع تربية الأولاد.

ولا ريب أنه موضوع عظيم الشأن والحاجة، بل الضرورة توجب على الآباء والأمهات العناية بالتربية، وقد وفيا المقام في بيان ما يجب من التربية الإسلامية، وأنواع التربية، وما يتعلق بالأب والأم والمدرسة والمجتمع وولاة الأمور، فقد أجاد الشيخان، وأفادا، وأوسعا المقام بسطًا وعناية وتوجيها وإرشادًا، فجزاهما الله خيرًا، وضاعف مثوبتاهما، وزادنا وإياكم وإياهما هدى وتوفيقًا وعلمًا وصلاحًا وإصلاحًا، لقد بينا ما يجب حول التربية، فالواجب على الآباء أن يعنوا بما سمعوا، وأن يسألوا الله العون على ذلك، وأن يجتهدوا في بذل المستطاع في تربية أولادهم، وأن يبلغوا الأمهات ما سمعوا، وعلى الأمهات السامعات لما قال الشيخان أن يعتنين بهذا الأمر، وأن يحرصن على بذل الواجب في تربية الأولاد من الذكور والإناث، فالأم هي المدرسة الأولى، والأب هو القائم عليها، وهكذا بقية الأسرة يجب أن يكونوا عونًا للأولاد من الذكور والإناث على المستوى الرفيع، والآداب الصالحة، في البيت وفي الطريق وفي المدرسة وفي كل مكان حسب الطاقة والإمكان.

ولا شك أن التعاون من أهم المهمات، والله يقول سبحانه: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2]، فلا يجوز أبدا الإهمال والتكاتل، أو جعل العهدة على فلان وفلان على المدرسة على زيد أو عمرو، بل يجب التعاون مع المدرسة ومع ولاة الأمور في أنواع الإصلاح للأولاد وغير الأولاد، فمن أهم شيء ....... هو تربية الأولاد، وسمعتم ما فيه الكفاية من التوجيه في هذا الأمر، ولكن من المصائب قلة المبالاة من الأكثر وعدم العناية، وكأنهم غير مسؤولين، وهم مسؤولون.

سمعتم الحديث الصحيح يقول النبي ﷺ: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع وهو السلطان سلطان المسلمين، وهكذا نوابه من الأمراء والقضاة والوزراء وغيرهم، كلهم في حد مسؤوليته، كلهم مسؤول، وهكذا الرجل في أهل بيته مسؤول عن رعيته، هكذا المرأة في بيتها مسؤولة عن رعيتها، فلا بد من العناية بأداء واجب هذه المسؤولية، والله قال سبحانه قولًا عامًا: فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ۝ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الحجر:92-93]، فالمسؤولية عظيمة عليك في الدنيا، وعليك في الآخرة، فلا بد من بذل المستطاع في تخفيف الخطر، وتسهيل أداء الواجب، وسمعتم الله يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا [التحريم:6] لماذا الوقاية؟ الله قال: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6]، وولدك من أهلك ذكرًا كان أو أنثى، وهكذا الزوجة، وهكذا من تحت يدك، فعليك أن تقيهم ونفسك هذه النار التي توعد الله بها من أضاع ولم يقم بالواجب، وأول ذلك ما يقع في الدنيا، فإن في الدنيا عذابًا معجلًا لمن ضيع أمر الله يجده في نفسه ويحس به في نفسه، ثم عذاب القبر، ثم النار بعد ذلك، فالأمر عظيم، ولا تكون الوقاية لنفسك وأهلك إلا بتقوى الله، فمن تقوى الله أن تؤدي الواجب أنت، وأن تعين أولادك على أداء الواجب، هذه التقوى، اتقوا الله وأوصوهم بتقوى الله، قال السلف: الآية معناها اتقوا الله وأوصوهم بتقوى الله، قال بعضهم: علموهم وأدبوهم، يعني الأهل.