1489- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وقَالَ: حَسَنٌ.
1490- وعَن الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَا مَلَأَ ابْنُ آدَمَ وعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وحَسَّنَهُ.
1491- وعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وابْنُ مَاجَهْ، وسَنَدُهُ قَوِيٌّ.
1492- وعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: الصَّمْتُ حِكْمَةٌ، وقَلِيلٌ فَاعِلُهُ. أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الشُّعَبِ" بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، وصَحَّحَ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ مِنْ قَوْلِ لُقْمَانَ الْحَكِيمِ.
الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: فهذه الأحاديث فيها الحثُّ على الورع والزهد فيما لا يحتاج إليه؛ حتى يسلم لك دينك، فمن حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، التَّدخل فيما لا يعنيه قد يُسبب مشاكل، فمن حُسن إسلام المرء، ومن حُسن إيمانه، ومن حُسن سيرته: عدم التَّدخل فيما لا يعنيه، يقول الشاعر في هذا:
وعمدة الدِّين عندنا كلمات | أربع من كلام خير البريه |
اتَّقِ الشبهات، وازهد، ودع ما | ليس يعنيك، واعملن بنيه |
فالإنسان إذا ابتعد عمَّا لا يعنيه، ولم يدخل في مشاكل الناس، ولا في سؤال فلانٍ وفلانٍ عمَّا لا يعنيه، فهذا هو من كمال إيمانه؛ لأنه قد يدخل في شيءٍ يضره، أو يُشوش على غيره، أو يُسبب فتنة.
ويقول ﷺ: ما ملأ ابنُ آدم وعاءً شرًّا من بطنه؛ لأنَّ ملء الوعاء هذا قد يُسبب تخم كثيرة، وأمراض، ولهذا في تمام الحديث: بحسب ابن آدم لُقيمات يُقمن صلبه، فإن كان لا محالةَ فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه، فالأفضل للمؤمن ألا يشبع؛ حتى لا يتسبب في شيء يضرُّه.
ما ملأ ابنُ آدم وعاءً شرًّا من بطنه، فملؤه قد يُسبب مشاكل، ولكن كونه يدع للنفس شيئًا، وللشراب شيئًا، فهذا أولى، وإذا شبع بعض الأحيان فمثلما جاء في الحديث الصحيح: أن الرسول ﷺ أمر أبا هريرة أن يسقي أهل الصُّفَّة لبنًا لما اجتمعوا عنده ﷺ، قال لأبي هريرة: قم فاسقهم، فسقاهم أبو هريرة بقدحٍ واحدٍ، وهم نحو سبعين، يشرب كل واحدٍ ويبقى القدح كما هو، فلما سقاهم كلهم كان أبو هريرة في حاجةٍ شديدةٍ إلى اللبن، جائع، ظمآن، فقال له النبيُّ ﷺ بعد ذلك: بقيتُ أنا وأنت يا أبا هريرة، قال: نعم يا رسول الله، فقال له النبيُّ ﷺ: اشرب، فشرب، ثم قال له: اشرب، فشرب، ثم قال له: اشرب، فشرب، ثم قال: اشرب، قال: والذي بعثك بالحقِّ، لا أجد له مسلكًا، فدلَّ على الشبع والري، فأخذ النبيُّ ﷺ فضلةً وشرب.
وكذلك أحاديث كثيرة في أوقات دُعي فيها النبيُّ ﷺ إلى طعامٍ، فقال للمضيف -وكان الضيوف كثيرين، نحو ثمانين: أدخلهم عشرة عشرة، فكل عشرة يدخلون ويشبعون، وهذا يدل على جواز الشبع، لكن تركه أفضل؛ لأنَّ هذا أقرب إلى السلامة والصحة، وأبعد عن الأمراض.
والحديث الآخر: يقول ﷺ: كل بني آدم خطَّاء، وخير الخطَّائين التَّوابون، هذا يدل على أن بني آدم ما فيهم أحد معصوم، كل بني آدم خطَّاء، وخير الخطَّائين التوابون، مَن بادر بالتوبة فهذا هو خير الخطَّائين، فما أحد يسلم، حتى الأنبياء في المسائل الصغيرة عند الجمهور، حتى الأنبياء قد تقع منهم بعض الأشياء في المسائل الصغار، وقال بعضُهم: لا يقع شيء؛ لقوله جلَّ وعلا: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [المائدة:67]، لكن ليست الآية واضحةً في هذا، والواقع يشهد بأنه قد تقع بعضُ الأشياء الصغيرة، وخير الخطَّائين التَّوابون.
وفي الحديث الآخر الذي يُروى عن النبي ﷺ: الصمتُ حكمة، وقليل فاعله، صحَّح البيهقي رحمه الله أنه من قول لقمان الحكيم: "الصمت حكمة، وقليله فاعله"، ولا شكَّ أنه حكمة، ويدل على رزانة الرجل وثباته، والهذر يدل على ضعف العقل، وكثرة الكلام، والخوض فيما لا يعني يدل على ضعف العقل، وضعف الدين، فيكون الإنسانُ كثير الصمت، قليل الكلام، فهذا يدل على الثبات وقوة الإيمان.
ويقول ﷺ: مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا، أو ليصمت، فالذي يحفظ لسانه ويصونه إلا من الخير؛ فهذا يدل على كمال العقل، وقوة الدِّين، ولا شكَّ أنَّ الحكمة مانعة رادعة عمَّا لا ينبغي، والصمت حكمة؛ لأنه رادعٌ عما لا ينبغي، يحول بين الإنسان وبين الأشياء التي قد تضرُّه، إلا فيما ينفع: من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا، أو ليصمت»، ويقول جلَّ وعلا: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أو مَعْرُوفٍ أو إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ [النساء:114].
وفَّق الله الجميع.
الأسئلة:
س: الآية هذه كيف تُحمل: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ؟
ج: الظاهر والله أعلم فيما يقع من التَّعدي عليه؛ ولهذا قال: مِنَ النَّاسِ، ما قال: من السيئات؛ ولهذا كثر مَن حاول التَّعدي عليه، وكفاه الله من شرِّهم في مكة، وفي المدينة.
س: الراجح في علَّة ربا الفضل في الأشياء الأربعة غير الذهب والفضة: البر والتمر، الراجح فيها؟
ج: الله أعلم، الأقرب أنه الطعام مع الكيل، مكيل، مطعوم؛ لحديث معمر بن عبدالله: الطعام مِثْلًا بمثلٍ، وقال: "وكان طعامُنا يومئذٍ الشَّعير".
س: النَّهي عن الخليطين هل هو مطلقًا؟
ج: لا، نُسخ هذا، كان نهاهم عن الخليطين، وعن النَّبيذ في الدّباء، والحنتم، ثم رخَّص وقال: لا تشربوا مُسْكِرًا.
س: هل هناك مجاز في القرآن الكريم في غير الأسماء والصِّفات؟
ج: مجاز في اللغة، ما هو مجاز ..... أهل اللغة عندهم تجوز في الكلام، ولهذا نزل القرآنُ بلغتهم: وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ [الإسراء:24].
س: رجل يسأل يقول: لو أنه حجَّ، وقبل الحجِّ أراد أن يعتمر عن أمه، أو عن والده، ثم يحج عن نفسه، هل يكون مُتمتعًا؟
ج: نعم، إذا كان في أشهر الحج، إذا كانت العمرةُ في أشهر الحج بعد رمضان.
س: ولو كانت عن غيره؟
ج: ولو عن غيره.
س: والحج عن نفسه؟
ج: ولو كان الحجُّ عن شخصٍ، والعمرة عن شخصٍ.
س: طيب، إذا فعل ذلك في أيام التَّشريق يجوز له أن يعتمر؟ يعني: هو يريد أن يخرج من كونه مُتمتعًا فهل يمكن أن يعتمر لوالدته في أيام التشريق، وإلا بعد أيام التشريق لا بد؟
ج: بعد الحجِّ ما يصير مُتمتعًا، بعد الحجِّ لا بأس.
س: يعني في أيام التَّشريق يجوز له؟
ج: إن أدَّى عمرةً في رمضان، وجلس في مكة حتى يُحرم بالحج وحده، هذا قصدك؟
س: هو ما يُريد أن يذبح، فهو يريد أن يحجَّ، هو هنا بالرياض سيحجّ، وبعد الحج مباشرةً -ولو في أيام التَّشريق- يُسوي عمرةً للوالد، أو للوالدة، ثم يأتي إلى الرياض للعمل؟
ج: السنة أن يأتي بعمرةٍ للتمتع إذا صار بعد رمضان، إذا ذهب بعد رمضان سنة يُحرم بعمرةٍ، وإن أحرم بحجٍّ وبقي على حجِّه ما عليه شيء، والعمرة تكون بعد الحجِّ.
س: العمرة في أيام التَّشريق تجوز؟
ج: ما في بأس، إذا حلَّ من حجِّه.
س: مَن دخل مكة وهو غير ناوٍ العمرة، ثم أنشأ يريد أن يعتمر؟
ج: دخل مكة للتجارة ونحوها، ما نوى عمرةً؟
س: ما نوى.
ج: يخرج إلى الحِلِّ.
س: ما يروح الميقات؟
ج: لا، لا.
بَابُ الترهيب مِنْ مَسَاوِئِ الْأَخْلَاقِ
1493- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِيَّاكُمْ والْحَسَدَ؛ فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ.
1494- ولِابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ نَحْوُهُ.
1495- وعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرعَةِ, إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
1496- وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
1497- وعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: اتَّقُوا الظُّلْمَ, فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، واتَّقُوا الشُّحَّ, فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهُداه.
أما بعد: فهذا الباب عقده المؤلفُ للترهيب من مساوئ الأخلاق؛ لأنَّ الكتاب كتابٌ جامع لمسائل يحتاجها المسلم، وتقدم باب الأدب، والبر والصلة، والزهد والورع، وهذا الباب في الترهيب من مساوئ الأخلاق، ويأتي بعده الترغيب في مكارم الأخلاق.
والظاهر في السنة وجوب الجماعة، ومن صفاتهم ومن عقيدتهم: الدَّعوة إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، والترهيب والتحذير من مساوئ الأخلاق، وسيئ الأعمال، وكله داخلٌ في قوله تعالى: أَطِيعُوا اللَّهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ [النساء:59]، وفي قوله تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ويَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران:31].
فالحديث الأول يقول: إياكم والحسدَ؛ فإنَّ الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النارُ الحطبَ، فالحسد من الأخلاق الذميمة، ومن صفات اليهود، كما قال تعالى: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النساء:54]، وقال تعالى: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ [البقرة:109]، وقد أمر الله بالتَّعوذ منه: وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ [الفلق:5]، فهو خلق ذميم قبيح، وهو تمني زوال النعمة عن أخيك، هذا الحسد؛ أن تتمنى زوال النعمة عن أخيك؛ لما في قلبك له من البُغض والكراهة، وهذا ضد محبة الخير، فلا يليق بالمؤمن أن يحسد أخاه، وإذا كان مع ذلك فعل، وهو إيذاء، أو صرف النعمة عنه؛ صار ظلمًا وحسدًا، جمع بين الظلم والحسد إذا فعل له، أو قال له أقوالًا تضرُّه.
والحديثان في سندهما ضعف: حديث أبي هريرة، وحديث أنس، كلاهما في سنده ضعف؛ الحديث الأول فيه مجهولٌ مبهم، والثاني فيه متروك، لكن يشدّ أحدُهما الآخر، ولهما شواهد.
والحسد مجمع على قبحه، والتَّحذير منه، فمن الآفات السيئة التي ينبغي الحذر منها الحسد، وإذا رأيت نعمةً من أخيك فاحمد الله، وسل الله له المزيد من الخير، ولا تحسده.
ويقول ﷺ: ليس الشديدُ بالصُّرعة، إنما الشديدُ الذي يملك نفسه عند الغضب، والصرعة فعلة، من الصرع، صيغة مبالغة، ليس القوي الذي يصرع الناس، أحسن منه وأقوى منه الذي يملك نفسه عند الغضب، فالصرعة يُقال لها: صرعة قوي، لكن أقوى منه وأفضل منه الذي يملك نفسه عند الغضب؛ لأنه إذا غضب الإنسانُ قد يتكلم بما لا ينبغي، وقد يفعل ما لا ينبغي، فالذي يملك نفسه عند الغضب هو الصّرعة في الحقيقة، هو القوي في الحقيقة.
وفي روايةٍ لمسلم عن ابن مسعودٍ: ما تعدّون الرقوبَ فيكم؟ قالوا: مَن لا يُولد له، قال: لكن الرقوب مَن لم يُقدِّم لولده شيئًا، هذا هو العقيم، الذي ما قدَّم أفراطًا.
ويقول ﷺ: اتَّقوا الظلم؛ فإنَّ الظلم ظلمات يوم القيامة يعني: في الأقوال والأعمال، وفي كل شيءٍ لا يجوز الظلم؛ لا في النفس، ولا في المال، ولا في العرض، يجب الحذر من الظلم كله، دقيقه وجليله، الظلم ظلمات يوم القيامة.
ويقول ﷺ: كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه، والله يقول: ومَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا [الفرقان:19]، ويقول: والظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ ولِيٍّ ولَا نَصِيرٍ [الشورى:8]، فيجب الحذر من الظلم، دقيقه وجليله.
وهكذا الشحُّ: قال: اتَّقوا الشحَّ؛ فإنه أهلك مَن كان قبلكم، تمام الحديث: حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلُّوا محارمهم، فالشح قبيح، وهو الحرص على المال، والبخل به، الشحيح: الحريص على المال بكل طريقٍ مع البخل، ولهذا قال تعالى: ومَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر:9].
ويُروى عن عبدالرحمن بن عوفٍ أنه كان يطوف ويقول: "اللهم قني شُحَّ نفسي"، ويُكرر، فقال له بعضُ مَن معه: يا فلان، لماذا تُكثر من هذا؟ قال: "إذا وقاني الله شُحَّ نفسي فقد أفلحتُ: ومَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، فالشح يجمع بين الأمرين: بين البخل، والحرص على المال من حلِّه وغير حلِّه، ولهذا قال ﷺ: حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلُّوا محارمهم، حملهم الشح -نسأل الله العافية.
فيجب على المؤمن الحذر من الشح، والحذر من البخل، والحذر من الظلم، بل يتوخَّى العدل، ويتوخَّى الإنفاق في محلِّه، وأخذ المال من طريقه من دون بخلٍ ولا شُحٍّ.
وفَّق الله الجميع.
الأسئلة:
س: الظلم داخلٌ حتى في الكفار وأهل الذمة؟
ج: نعم.
س: ولو كانوا مُحاربين؟
ج: لا، ما يُسمَّى: ظلمًا، المحارب تقتله، المحارب لك أن تُقاتله، وما هو فقط تظلمه، لكن مَن له أمان أو عهد ما يُظلم.
س: ولو كانت هناك أمانات لهم، وقامت الحربُ، هل يستدعي هذا ظلمهم ومنع حقِّهم؟
ج: إذا صار مُقاتلًا لنا سلَّمناه لبيت المال، ويصير من الفيء.
س: ما مدى صحَّة هذا الحديث ومعناه: في الحديث يقول النبي ﷺ: ثلاثة لا يقبل الله دعاءهم، وذكر منهم: مَن له زوجة سيئة الخلق لا يُطلِّقها؟
ج: فيه نظر، في سنده نظر، يحتاج إلى تأمُّلٍ.
س: السرطان للعين، هل هو من الحسد؟
ج: العين ما هو على هواه، الغالب في العين أن تقع من غير قصدٍ، أما كونه يقصد ما يجوز، وهذا شيء من الظلم، لكن إذا كان بغير اختياره لا يُكلِّف الله نفسًا إلا وسعها.
س: بعض الناس إذا رأى شيئًا وتعجَّب منه، ويقول: أنا ما أنظر؟
ج: ولو، إذا رأى شيئًا يقول: بارك الله، ما شاء الله، لا قوة إلا بالله ..، إذا أعجبه شيءٌ يقول: اللهم بارك فيه، ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، مثلما قال تعالى: وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ [الكهف:39]، فإذا رأيتَ شيئًا يُعجبك برّك وقل: اللهم بارك فيه.
س: بعض الناس يقول: اذكر الله، قل: لا إله إلا الله؟
ج: لا، يقول: ما شاء الله، أحسن، ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، اللهم بارك فيه.
س: هذا الأثر: ثلاثة لا يسلم منهن أحدٌ: الطيرة، والظن، والحسد، قيل: فما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: إذا تطيرت فلا ترجع، وإذا ظننتَ فلا تحقق، وإذا حسدتَ فلا تبدو صحيح هذا؟
ج: ما أعرف حاله.
س: العبارة هذه: "ما خلا جسدٌ من حسدٍ، فالكريم يُخفيه"؟
ج: الله أعلم، ما أعرفها.
س: تغيير الشاب للشيب؟
ج: يُغيره بغير السواد سنة: غيِّروا هذا الشيب، وجنِّبوه السواد.
س: سنة أم واجب؟
ج: السنة تغيير الشيب.
س: إذا كان الشعر أشقر أو أحمر هل يُغير إلى الأسود؟
ج: لا، ما يُغير بالسواد، ما يُغير بالسواد، يحرم التَّغيير به.
س: هل يجوز تسمية السرطان بالمرض الخبيث؟
ج: ما أعلم شيئًا.
س: هل لفظة "أنت مبارك" فيها بأس؟
ج: لا، يقول: نرجو أن تكون مباركًا، وإذا فعل شيئًا طيبًا يقول: هذه من البركة إن شاء الله، كما قال أُسيد لما نزل التيمم بسبب حادثة عائشة وقلادتها، قال: "ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر"، فإذا كان الإنسانُ سبب خيرٍ يُقال: هذه من البركة التي نزلت على يديه.
س: أرجو أن تكون مباركًا؟
ج: أرجو، هذا طيب.
س: وحلَّت علينا البركة؟
ج: إذا درى منه بركة، إذا جرى منه فعلٌ طيب يُقال له: أنت مبارك إن شاء الله؛ لأنه إذا شفع في الخير، أو فعل الخير، أو عمَّر مسجدًا، أو دعا إلى خيرٍ يُقال: أنت مبارك إن شاء الله.
س: اعتاد بعضُ الناس إذا جاءه ضيفٌ أن يقول: حلَّت علينا البركة، الله يُبارك في هذه الساعة؟
ج: ما أعلم إن كان قصده.
س: تباركت علينا؟
ج: لا، تباركت ما يجوز، تبارك من أوصاف الله، لكن إذا قال: هذه ساعة مباركة؛ ترحيبًا بالضيف، وإكرامًا للضيف.
س: بعض الناس إذا تزوَّج بامرأةٍ وحصلت له أمور لا دخلَ للمرأة بها: كمرضٍ، وفقرٍ، أو شيء من هذا، وطال عليه، احتجَّ بحديث: الشؤم في ثلاثة، وقال: إنَّ هذه المرأة منه، هل يدخل في هذا؟
ج: الله أعلم، ما يجوز له الجزم بهذا، يقول: الله أعلم، وإذا رأى منها ما يدل على أنها مشؤمة لا بأس أن يُطلِّقها.
س: بعض الخصوم إذا كان عند القاضي قبل أن يُبدي خصومته يأتي بخطبة الحاجة، هل لهذا أصل؟
ج: ما له أصل.
س: الأولى تركه؟
ج: نعم.