الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه، نبينا إمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيله، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد سمعنا جميعًا هذه الكلمات الطيبات المباركات لصاحب الفضيلة: الشيخ عبدالرحمن بن ناصر البراك في موضوع المرأة، وما يسر الله لها في الإسلام، وما كانت عليه في الجاهلية، وقد أفاض في المقام وبين ما ينبغي بيانه، وأوضح ما كانت عليه قبل الإسلام، وما أكرمها الله به في الإسلام، وأعزها به في الإسلام، وبين أيضًا ما ينبغي لها أن تقوم به، وما يناسبها من الأعمال، وما لا يناسبها من الأعمال، وأوضح أوجه الخطر، وأجاد في هذا، فجزاه الله خيرًا وضاعف مثوبته، وزادنا وإياكم وإياه علمًا وهدى وتقوى وبصيرة، ونفعنا جميعًا بما علمنا وسمعنا.
الموضوع كما سمعتم موضوع المرأة حساس وخطير في هذا العصر الذي غلبه في الجهل والهوى، وقل فيه العلم والهدى، وغلب على النفوس الجهل والميل إلى الباطل، وقل في ذلك أنصار الحق وأصحاب الغيرة، ولهذا جرى ما جرى مما سمعتم ومما رأيتم ومما أوضحه لكم صاحب الفضيلة، كانت المرأة في الجاهلية شيئًا لا قيمة لها، سلعة مرتهنة وربما تساهل أولياؤها بقتلها، حتى كان الرجل في الجاهلية يقتلها خشية العار، والآخر يقتلها خشية الفقر، وكانت يتوارثونها كالسلع، ولها أخبار وحكايات في الجاهلية لا يتسع المقام لذكرها، ثم جاء الله بنبيه محمد ﷺ وأنزل الله القرآن عليه، وبين فيه حالها ورفع شأنها وجعل لها كيانًا عظيمًا وشأنًا كبيرًا، جعلها أمًا محترمة، وأختًا محترمة، وزوجة محترمة، وبنتًا كريمة إلى غير ذلك، وشركها مع الرجال في شؤون كثيرة، وساواها بالرجال في أمور كثيرة جدًا، فهي كالرجل إلا في أشياء قليلة استثناها الشارع، فهذا كله من إكرام الله لها، ونشلها من وهدة الضياع والضلال في الجاهلية.
ودين الإسلام هو الصراط المستقيم وهو الحق الذي يرفع الله به ما يستحق الرفع، ويخفض الله به ما يستحق الخفض، فقد رفع به المؤمنين ورفع به المرأة من وهدة الضلالة والجهالة والاحتقار والإيذاء والظلم وأعطاها حقوقًا كثيرة في الزوجة وغيرها، وجعلها شريكة الرجل في الميراث وفي التصرف في الأموال والأخذ والعطاء، وفي شؤون أخرى كما عرفت أنها كالرجل إلا في أشياء استثناها الشارع كالميراث المفضل، جعلها في الميراث لها نصف الرجل في الأولاد وفي الإخوة وفي الزوجية للذكر مثل حظ الأنثيين لحكمة بالغة إذا تأملها المؤمن عرف وجهها وأنها حكمة عظيمة باهرة، وهكذا فرق بينهما في الشهادات، وفي مسائل معدودة، ولكنه سبحانه على يد رسوله صلى الله عليه وسلم قد أكرمها وأحسن إليها.