وأما ما وقع في بعض الروايات أنه حين نصح النساء يوم العيد، قامت امرأة من وسط النساء سفعاء الخدين فقالت: لم يا رسول الله؟ لما قال للنساء: يا معشر النساء تصدقن وأكثرن من الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار، قامت امرأة وقالت: لم يا رسول الله؟ قال: لأنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير، يعني أن من صفاتهن كثرة السب والكلام السيئ، ومن صفاتهن في الغالب كفر العشير، يعني كفر الزوج، لو أحسن إلى إحداهن الدهر ثم رأت منه شيئًا قالت: ما رأيت منك خيرًا قط، لو كانت معه عشرات السنين قد أحسن إليها ثم قدر أنه أساء إليها في وقت ما قالت: ما رأيت منك خيرًا قط، من شفتك وأنا ما رأيت خيرًا، نسيت هذا كله، هذه من طبيعة النساء إلا من عصم الله، فالله جل وعلا توعدهن على لسان نبيه ﷺ بالنار إن لم يستقمن.
فسفعاء الخدين يحتمل أن هذا قبل الحجاب كما هو الظاهر، ويحتمل أنها كانت عجوزًا، والعجوز يباح لها إذا لم تزين بزينة أن تكشف وجهها كما قال تعالى: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ [النور:60]، فالقواعد هن العجائز التي قد كبرت سنهن ولم يبق لهن غرض في الأزواج، ولم يبق للأزواج غرض فيهن لكبر سنهن وعجزهن، فلا حرج عليها أن تلقي الحجاب عن وجهها إذا كانت غير متبرجة ليس عليها ملابس جميلة ولا كحل ولا كذا ولا كذا، ثم قال: وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ [النور:60] مع كونهن عجائز وليس عليهن زينة فمع هذا كله استعفافهن وتسترهن خير لهن، فكيف بالشابات الجميلات؟ خطرهن لا يخفى على أحد.
فالمقصود أنه جل وعلا أوضح لعباده أحكام الحجاب، وبينه رسوله عليه الصلاة والسلام فلم يبق لإنسان يخاف الله ويرجوه حجة في التساهل في هذا الأمر، بل الواجب التكاتف والتعاون ضد التكشف كله، وليس المقصود الوجه المقصود ضد التكشف كله والتبرج سفورها إبداؤها رأسها أو أقدامها أو صدرها أو ذراعها أو يدها أو غير ذلك، ليس المقصود جمال الوجه والكفين بل الواجب العناية بها أن تكون مستورة في كل الوجوه، وأن تكون بعيدة عن الفتنة، فإن كشف الوجه وسيلة إلى كشف ما وراءه كما هو واقع من كثير منهن الآن، فإن كشفه قد يفضي إلى قلة الحياء، وقد يفضي إلى كشف ما وراءه من الشرور، فإنها بكشفها الرأس أو الساق أو الفخذ يقع الشر كله، نسأل الله العافية.
نسأل الله أن يوفق الجميع للعلم النافع والعمل الصالح.